قوله: (على عَدْلً) وفيه مسائل، والله نسأل السداد.
(تعريف العدالة:
التعريف المشهور المتداول للعدالة هو تعريف ابن حجر، ولذا فإننا سوف نبدأ بذكره ونتوقف معه، قال ابن حجر في شرح النخبة (ص/25): (والمراد بالعدل من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة. والمراد بالتقوى اجتناب الأعمال السيئة من شرك أو فسق أو بدعة)
واعترض الصنعاني في " ثمرات النظر في علم الأثر " على هذا التعريف بعدة اعتراضات: الاعتراض الأول: عدم الملازمة بينه وبين التعريف اللغوي للعدالة:
قال الصنعاني (ص/53: 55): [تفسير العدالة بما ذكره الحافظ تطابقت عليه كتب الأصول وإن حذف البعض قيد الابتداع إلا أنهم الكل اتفقوا أنها ملكة إلى آخره وهذا ليس معناها لغة ففي القاموس العدل ضد الجور وهو إن كان كلامه في هذه الألفاظ قليل الإفادة لأنه يقول والجور نقيض العدل فيدور، وفي النهاية العدل الذي لا يميل به الهوى، وهو وإن كان تفسيرا للعادل فقد أفاد المراد في غيرها. العدل: الاستقامة، وللمفسرين في قوله تعالى) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ)، أقوال في تفسيره قال الرازي بعد سرده للأقوال إنه عبارة عن الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط وهو قريب من تفسيره بالاستقامة، وقد فسر الاستقامة الصحابة وهم أهل اللغة بعدم الرجوع إلى عبادة الأوثان وأنكر أبو بكر رضي الله عنه على من فسرها بعدم الإتيان بذنب وقال حملتم الأمر على أشده ... ].
الاعتراض الثاني: نقد العدالة بالملكة المذكورة:
وقال (ص/55: 58): [والحاصل أن تفسير العدالة بالملكة المذكورة ليس معناها لغة ولا أتى عن الشارع حرف واحد بما يفيدها والله تعالى قال في الشهود (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ) (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء) وهو كالتفسير للعدل والمرضي من تسكن النفس إلى خبره ويرضى به القلب ولا يضطرب من خبره ويرتاب، ومنه) تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ) ... فالعدل من اطمأن القلب إلى خبره وسكنت النفس إلى ما رواه، وأما القول بأنه من له هذه الملكة التي هي كيفية راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة