نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 51
هي (العناصر) الثلاثة التي ينشأ عنها كل علم، ولن تجد في الحياة «علماً» لا ينشأ من عنصر هذه العناصر.
والقرآن يعتبر أن ما يقوم على غير هذه العناصر، لا يسمى «علماً» بل هو إما الظن «غلبة احتمال الشيء»، وإما الوهم والخيال.
ونصوص الشريعة، ما كان منها من أصول العقيدة فلا بد فيها من العلم وهو «التَيَقُّنُ الجَازِمُ المُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ عَنْ دَلِيلٍ» كالإيمان بالله وصفاته، والنبوات والأنبياء، والملائكة، والجنة والنار.
وما كان منها، من فروع الشريعة (الأحكام العملية) فيكفي فيها الظن، لأن اشتراط العلم فيها غير متحقق في كثير منها، وهذا مُسَلَّمٌ به لدى الدارسين للشريعة وعلومها.
والأحاديث التي صَحَّحَهَا علماؤنا - رَحِمَهُمْ اللهُ - ليس فيها ما يرفضه العقل أو يحيله لأنها إما أن تتعلق بأمور العقيدة، وهذه يجب أن تتفق مع القرآن، وقد قلنا بأننا نقطع أن ليس في القرآن شيء يحكم العقل بفساده أو بطلانه أو استحالته، وإما أن تتعلق بالأحكام الشرعية من عبادات ومعاملات وآداب وغيرها، وليس في حديث من هذه الأحاديث التي صَحَّحَهَا علماؤنا ما يرفضه العقل أو يحكم باستحالته، وإما أن تكون أخباراً عن الأمم الماضية أو أخباراً عن عالم الغيب مِمَّا لا يقع تحت النظر كشؤون السماوات والحشر والجنة والنار، وهذه ليس فيها ما يحكم العقل ببطلانه، وقد يكون فيها ما لا يدركه العقل فيستغربه.
فإذا جاءت عن طريق ثابت يفيد القطع فيجب اعتقادها، وإن جاءت عن طريق يفيد غلبة الظن فليس من شأن المسلم أن يبادر إلى تكذيبها.
وبهذا نرى أن فريقاً كبيراً من الناس لا يفرقون بين ما يرفضه العقل، وبين ما يستغربه، فَيُسَاوُونَ بينهما في سرعة الإنكار والتكذيب، مع أن حكم العقل فيما يرفضه، ناشئ من استحالته، وحكم العقل فيما يستغربه، ناشئ من «عَدَمِ القُدْرَةِ عَلَى تَصَوُّرِهِ» وفرق كبير بين ما يستحيل وبين ما لا يدرك.
على أننا نرى من الاستقراء التاريخي، وتتبع التطور العلمي والفكري،
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 51