نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 52
أن كثيراً مِمَّا كان غامضا على العقول أصبح مفهوماً واضحاً، بل إن كثيراً مِمَّا كان يعتبر حقيقة من الحقائق أصبح خرافة من الخرافات، وما كان مستحيلاً بالأمس أصبح اليوم واقعاً. ولا تحوجنا الأمثلة لذلك، فنحن نعيش في عصر استطاع فيه الإنسان أن يكتشف القمر بصواريخه. وهو الآن يستعد للنزول فيه [1] وفي غيره من الكواكب، ولو أن إنساناً فكر في مثل هذا في القرون الوسطى أو منذ مائة سَنَةٍ لَعُدَّ من المجانين.
والذين ينادون بتحكيم العقل في صحة الحديث أو كذبه، لا نراهم يُفَرِّقُونَ بين المُسْتَحِيلِ، وبين «المُسْتَغْرَبِ» فيبادرون إلى تكذيب كل ما يبدو غريباً في عقولهم. وهذا تهور طائش ناتج من اغترارهم بعقولهم من جهة، ومن اغترارهم بسلطان العقل، ومدى صحة حكمه فيما لا يقع تحت سلطانه من جهة أخرى.
ونحن نرى أن أكثر ما يستندون إليه في تكذيب ما صَحَّحَهُ الجمهور، إنما هي أحاديث تتعلق، إما بأخبار الأمم الماضية، وإما بالأمور الغيبية.
وخذ لذلك مثلا مِمَّا ذكره «أَبُو رَيَّةَ»، نموذجاً لبعض ما رواه أبو هريرة ليؤكد دعواه كذب أبي هريرة في الحديث، ونسبته ما أخذه من الإسرائيليات إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
أخرج " مسلم " عن أبي هريرة، عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ».
هذا ما استغربه، بل مِمَّا ادَّعَى «ضمناً» كذبه، لأنه من رواية أبي هريرة عن الرسول، وقد كان أبو هريرة - في زعمه - ينسب ما سمعه من كعب إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ولك أن تسأل أَبَا رَيَّةَ: ما وجه الغرابة في هذا الحديث؟ ألأنه ذكر أن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سَنَةٍ؟ أليست الجنة من أمور الغيب؟ هل استطاع أن يعرف ما فيها، إلا مِمَّا عَرَّفَنَا اللهُ وَرَسُولُه ُإِيَّاهُ؟ أليس [1] وقد تحقق ذلك بعد وفاة المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ -.
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 52