وقد أثبت الله لرسوله العصمة في كتابه الكريم حيث قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:67] . قال القرطبي: "دلت الآية على رد قول من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من أمر الدين تقية، وعلى بطلانه، وهم الرافضة، ودلت على أنه صلى الله عليه وسلم لم يسرَّ إلى أحد شيئاً من أمر الدين؛ لأن المعنى بلغ جميع ما أنزل إليك ظاهراً، ولولا هذا ما كان في قوله عز وجل: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} .
فائدة ... وقال ابن عباس: "المعنى: بَلِّغ جميع ما أنزل إليك من ربك، وإن كتمت شيئاً فما بلغت رسالته" (1)
كما قال عن قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} إن في ذلك دليلاً على نبوته؛ لأن الله عز وجل أخبر أنه معصوم، ومن ضمن سبحانه له العصمة فلا يجوز أن يكون قد ترك شيئاً مما أمره الله به" [2] .
2- أن الله -سبحانه وتعالى- كما عصم رسوله أن يخطئ، عصم حديثه أن يحرف عليه شيء؛ فتكفل الله تعالى بحفظ هذا الدين كتاباً وسنةً، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] . والذكر في الآية يشمل القرآن والسنة؛ وقد استدل ابن حزم بهذه الآية، وبقوله تعالى: {قُلْ
(1) تفسير القرطبي 6/242. [2] تفسير القرطبي 6/243.