إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ} [الأنبياء:45] ، فأخبر تعالى أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي، والوحي بلا خلاف ذكر، والذكر محفوظ بنص القرآن؛ فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل مضمون لنا أن لايضيع منه شيء، فهو منقول إلينا كله فلله الحجة أبداً" [1] .
وقال ابن القيم: "إن كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مما أنزل الله، وهو ذكر من الله، أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد تكفل سبحانه بحفظه؛ فلو جاز على حكمه الكذب والغلط والسهو من الرواة، ولم يقم دليل على غلطه وسهو ناقله لسقط حكم ضمان الله وكفالته لحفظه، وهذا من أعظم الباطل" [2] . وهذا هو مذهب أهل الحديث، "وقد قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث الموضوعة؟ فقال: تعيش لها الجهابذة {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] " [3] . وقد نقل مثل ذلك عن الإمام عبد الرحمن بن مهدي. وقال ابن الوزير: "وهذا يقتضي أن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزال محفوظة، وسنته لا تبرح محروسة" [4] .
3- لقد هيأ الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة الإسناد لحفظ الدين، منذ عهد الصحابة، فقد روى مسلم في مقدمة صحيحه، بسنده عن مجاهد، قال: جاء [1] الإحكام في أصول الأحكام 1/110. [2] مختصر الصواعق ص 400. [3] تدريب الراوي 1/282. [4] الروض الباسم 1/32-33.