فيما أوحى إليه، ونذارتُه لهم كانت بالقرآن والسنة يقينا، فدل ذلك على أن السنة وحي كالقرآن.
قال ابن حزم -معلقا على هاتين الآيتين-:" فأخبر تعالى كما قدمنا، أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي، والوحي كله محفوظ بحفظ الله عزّوجل، مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء؛ إذ ما حفظ الله تعالى بلا خلاف ذكْر، والذكر محفوظ بنص القرآن، فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عزّوجل، مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء؛ إذ ما حفظ الله تعالى فهو باليقين لا سبيل إلى أن يضيع منه شيء، فهو منقول إلينا كله، فلله الحجة علينا أبدا " ... [1] .
(4) قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة:18-19] . ووجه الدلالة من الآيتين، أن الله تعالى أمر نبيه باتباع قراءة جبريل، والإنصاتِ لها، ثم بعدها تكفل الله له أن يبين له معاني ما قرأ وسمع. والبيانُ إنما وقع بالسنة، فدل ذلك على أن السنة من عند الله، كالقرآن سواء، لأن الله تعالى أضاف البيان لنفسه، فأفاد ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يتلقاه منه.
قال ابن حزم:" فأخبر تعالى أن بيان القرآن عليه عز وجل، وإذا كان عليه، فبيانه من عنده تعالى، والوحي كله - متلوُّه وغير متلوه - فهو من عند الله عز وجل " [2] .
(5) قوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء:82] . قال ابن حزم:" فصح بهذه الآية صحة ضرورية، أن [1] الإحكام في أصول الأحكام - 1/98. [2] المصدر نفسه - 1/82.