القرآن والحديث الصحيح متفقان، هما شيء واحد، لا تعارض بينهما ولا اختلاف، يوفق الله تعالى لفهم ذلك من شاء من عباده، ويحرمه من شاء، لا إله إلا هو … وصح بما ذكرنا بطلانُ قول من ضرب القرآن بعضه ببعض، أو ضرب الحديث الصحيح بعضه ببعض، كضرب القرآن والحديث بعضهما ببعض …ونحن إنما أطعنا أمر نبينا عليه السلام، لعلمنا أنه كله من عند الله، وأنه لا يقول من تلقاء نفسه شيئا …" [1] .
(6) قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:44] ووجه الدلالة من الآية أن الله تعالى أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه أنزل إليه الذكر ليبينه للناس، والذكْرُ هو الكتاب والسنة، فكل منهما ذكر، ووظيفته صلى الله عليه وسلم بيان الذكر النازل من عند الله، فصح بهذا التعميم، أن السنة من عند الله كالقرآن، وأنه يوحى إليه صلى الله عليه وسلم بها كما يوحى إليه بالقرآن، ومن خص الآية بالقرآن وحده، فليس عنده دليل يجب التسليم له، وتقوم الحجة به على التخصيص، والأصل هو العموم، والتخصيص استثناء، ومدَّعِي الاستثناء، عليه الدليل.
قال ابن حزم:" بل فيها بيان جلي، ونص ظاهر أنه أنزل تعالى عليه الذكر ليبينه للناس، والبيان هو بالكلام، فإذا تلاه النبي صلى الله عليه وسلم فقد بينه، ثم إن كان مجملا لا يفهم معناه من لفظه، بيَّنَه حينئذ بوحي يوحى إليه، إما متلو أو غير متلو …" [2] . [1] الإحكام -1-94/100. [2] المصدر نفسه - 1/82.