(6) النبي صلى الله عليه وسلم ليس له أن يخبر بما لا يعلم صدقه، فكذلك ليس له أن يحكم بما لا يعلم صوابه [1] .
ب - أدلة المذهب الثاني
واستدل الفريق الثاني بالكتاب والسنة والاعتبار.
أ - فأما الكتاب فقد استدلوا منه بمايلي:
(1) قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر:[2]] ووجه الدلالة من الآية، أن الاعتبار هو العبور من أمر واقع إلى أمر يشبهه في ملامحه وصفاته، وهذا معنى القياس، والنبي صلى الله عليه وسلم داخل في عموم الأمر به كسائر أمته، ولا دليل على تخصيصه من هذا العموم، وهو صلى الله عليه وسلم من أجَلِّ المعتبِرين، وأعظم المتفكرين في آيات الله، فكان أولى بتعبده بالاجتهاد والقياس. حُكي عن ثعلب قال: "الاعتبار في اللغة هو رد حكم الشيء إلى نظيره، ومنه يسمى الأصل الذي يرد إليه النظائر عبرة.." [2] .
(2) وقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:43] ووجه الدلالة من الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم من جملة المأمورين بتعقل الأمثال المضروبة، والأمثالُ عبارة عن أقيسة، يشبه فيها ما سيقع للمكذبين للنبي صلى الله عليه وسلم، بما وقع للمكذبين للأنبياء قبله، لأن العلة واحدة، وهي التكذيب. وتعقُّلُ ذلك، [1] انظر الإحكام في أصول الأحكام للآمدي - 3/207/ والمحصول /6/11/12/13. [2] أصول السرخسي - 2 / 125.