والتكلف " [1] . قال الأصفهاني: " ووجه الاستدلال بها –كما قرره أبو علي الفارسي- أن الإراءة إمَّا من الرأي الذي هو الاجتهاد، أو من الرؤية بمعنى الإبصار، أو بمعنى العلم، لا جائزٌ أن يكون من الرؤية بمعنى الإبصار، لأن المراد بـ"ما" في قوله تعالى {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} هو الأحكام، وهي لا تكون مبصَرة، ولا جائزٌ أن يكون من الرؤية بمعنى العلم، وإلا لوجب ذكر المفعول الثالث لوجود ذكر المفعول الثاني، وهو الضمير الراجع إلى الموصول ... فتعين أن يكون بمعنى الرأي " (2)
قلت: والصواب أن تكون الإراءة بمعنى العلم، والمفعول الثالث محذوف ولا يجب ذكره –كما زعم أبو علي- للعلم به، والمعنى: "بما أراكه الله حكما" فـ "حكما" هو المفعول الثالث، وحُذف لدلالة "لتحكم" عليه، والسياقُ يدل على هذا الذي رجحه البخاري، لأنه إذا أنزل الله عليه الكتاب ليحكم به، فهو يحكم بما أعلمه الله به فيه، فهو لا يحتاج للرأي، مع وجود الحكم في الكتاب، وما ذهب إليه أبو علي مرجوح.
هذا وقد حمله القرطبي إما على العلم، أو الرأي المسدد بقوله: "وقال الداودي:" لأن المراد بقوله: "بما أراك الله" ليس محصورا في المنصوص، بل فيه إذن في القول بالرأي" [3] . [1] أخرجه أبو داود في الأقضية، حديث 3586 بسند صحيح.
(2) بيان المختصر، شرح مختصر ابن الحاجب – 3/295. [3] فتح الباري – 13/304.