حتى نزلت آية المواريث"[1] ووجه الدلالة أنه لم يجبه حتى جاء الوحي بجوابه، فدل على أنه لا يجيب إلا بوحي، فلو كان يجتهد في الأحكام لاجتهد في جواب هذا السؤال، مع قيام الداعي، والحاجة الملحة، فلما انتظر الوحي، أفاد ذلك أنه لا يقول إلا بوحي، وهو المطلوب.
(8) حديث أبي هريرة أن امرأة قالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه، تعلمنا مما علمك الله، فقال: اجتمعْن في يوم كذا، في مكان كذا وكذا، فاجتمعْن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ... [2] ووجه الدلالة إقرار النبي صلى الله عليه وسلم المرأة على قولها: "تعلمنا مما علمك الله" وذلك يدل على أن علمه علْمُ تعليمٍ وتلقٍ، لا علمُ اجتهادٍ وقياس.
(9) حديث المطلب بن حَنْطَب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ماتركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا تركت شيئا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه، ألا وإن الروح الأمين قد ألقى في رُوعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فأجملوا في الطلب" [3] ووجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أنه لا يأمر ولا ينهى إلا بما أمر به الله ونهى عنه، وأنه يتلقى وحي الإلهام كما يتلقى وحي الإرسال، وكلاهما حق، وذلك يفيد أن السنة وحي، لأن بعض ما حرّمه الله لا يوجد إلا في السنة لا في القرآن، وقد استدل الشافعي في الرسالة بهذا الحديث لهذا المعنى. [1] أخرجه البخاري في الاعتصام – الفتح – 13/303. [2] المصدر نفسه...... 305/306. [3] أخرجه الشافعي في الرسالة ص 87/93/ وقد استفاض الشيخ شاكر في تخريجه وتحقيقه بما لا مزيد عليه.