(10) حديث ابن مسعود قال: بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرث وهو متكئ على عسيب – إذ مر اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، فقال: " ما رَابَكُم إليه " وقال بعضهم: لا يستقبلكم بشيء تكرهونه، فقالوا: سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئا، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} [الإسراء:85] [1]. ووجهُ الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم توقف فلم يرد حتى جاءه الوحى بالجواب.
فدل ذلك على أنه يُوحى إليه في كلّ شؤونه.
(11) حديث سهل بن سعد في قذف عُوَيمر العجلاني امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم وقوله صلى الله عليه وسلم: " قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها " وفي رواية ابن عمر: " فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان بعد ذلك أتاه "وفي لفظ ابن مسعود: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم افتح، وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان " وفي رواية ابن عباس " اللهم بين " [2] ووجه الدلالة من هذه الألفاظ أنه صلى الله عليه وسلم توقف عن حكم اللعان حتى نزل عليه الوحي به، فدل ذلك على أنه لا يجتهد، فلو كان يجتهد لأجاب السائل ولما انتظر الوحي.
قال الشافعي: " وفيه دلالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وردت عليه هذه المسألة، -وكانت حكماً- وقف عن جوابها، حتى أتاه من الله عز وجل الحكم فيها، فقال لعويمر " قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك " [1] أخرجه البخاري في التفسير – الفتح – 8/253/ ومسلم في المنافقين - /4/2152. [2] البخاري في الطلاق –الفتح- 9/355/ باب اللعان ومن طلق بعد اللعان.