وقال بعضهم: بل يدعو ثلاثًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دعا دعا ثلاثًا، وهذه الرواية لا تدل عل أنه اقتصر على الدعاء بين ذلك، بل ربما زاد وإنما نقل جابر - رضي الله عنه - ما جهر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالسنة أن الإنسان إذا رقى على الصفا يرفع يديه ويستقبل الكعبة ثم يجهر بالذكر ويقول: «لَا إلَهَ إلَّا اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إلَهَ إلَّا اللهَ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ثم يسر الدعاء، ثم يعود فيجهر بالذكر ثم يسر الدعاء، ثم يرجع ويجهر بالذكر ثم يسر الدعاء، هذا هو الأفضل.
قوله: (... ثُمَّ نَزَلَ إلَى المَرْوَةِ، حَتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الوَادِي سَعَى، حَتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى حَتَّى أَتَى المَرْوَةَ ...)
فمن هنا يستفاد أن العجلة تكون في الوادي ما بين العلمين، وقد روى النسائي عن طريق صفية بنت شيبة في رواية أنها رأت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي أخرى أنها تروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بواسطة امرأة أنه قال: «لا يقطع الأبطح إلا شدًّا» [1] وجاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا سعى تدور به إزاره [2] وذلك في خبر لا يثبت.
فالسنة الإسراع مع عدم المشقة هذا في حق الرجال، أما في حق النساء فلا يشرع، وقد صح عن ابن عمر وغيره من الصحابة أنه قال: «أليس على النساء رمل» [3] ونقل ابن المنذر الاتفاق عل هذا.
أما سعي هاجر فإنه قد يقال لم يكن بحضرتها أحد من الرجال البتة، ثم نقول ثانيًا أن الشريعة استقرت عل عدم رمل النساء، أما الآن إذا رملت ففيه من المحاذير ما لا يخفى. [1] روايتها المباشرة: رواها النسائي (2980)، وأما روايتها عنه - صلى الله عليه وسلم - باسطة: رواها النسائي في الكبرى (2/ 414)، وابن ماجه (2987)، وأحمد (6/ 404)، والبيهقي (5/ 98). [2] رواه أحمد (6/ 421)، والحاكم (4/ 79)، والطبراني في الكبرى (24/ 226)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (5/ 195)، وفيه عبد الله بن مؤمل. [3] انظر مسند الشافعي (1/ 129)، والدارقطني (2/ 295)، وابن أبي شيبة (3/ 151)، والبيهقي في سننه الكبرى (5/ 48، 84)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 36).