وإنما محل البحث في الصورة الثانية:
وهي إذا كان المسافر مستقرًّا في بلد استقرارًا لا يقطع أحكام السفر فهل يجب عليه حضور الجمعة أم لا؟
قد وردت آثار في نفي وجوب الجمعة عن المسافر لا بأس بذكرها مع الكلام عل أسانيدها، ثم نذكر - إن شاء الله - كلام أهل العلم.
أولاً: حديث تميم الداري:
أخرجه البيهقي (3/ 184) من طريق محمد بن طلحة عن الحكم عن ضرار بن عمرو عن أبي عبد الله الشامي عن تميم الداري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الجمعة واجبة إلا على امرأة أو صبي أو مريض أو عبد أو مسافر».
وهذا الحديث واه جدًّا.
فضرار بن عمرو منكر الحديث كما قال البخاري، وأورد له العقيلي هذا الحديث في ضعفائه (2/ 222) وقال: لا يتابع عليه، وأبو عبد الله الشامي لا يعرف كما قال الذهبي في الميزان.
والحديث قال عنه أبو زرعه الرازي - عبيد الله طه بن عبد الكريم -: هذا حديث منكر (انظر علل ابن أبي حاتم (2/ 212)).
ثانيًا: حديث جابر:
أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 3) والبيهقي (3/ 174) وابن عدي في كاملة (2425) وابن الجوزي في التحقيق (788) من طريق ابن لهيعه عن معاذ بن محمد الأنصاري عن أبي الزبير عن جابر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا مريض أو مسافر أو امرأة أو صبي أو مملوك فمن استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه والله غنى حميد».