نام کتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس نویسنده : ابن العربي جلد : 1 صفحه : 632
النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه يجوز الصيد به فهذه الآية تناولت صيد المباشرة من الصائد دون واسطة، وتفصيل ذلك يأتي إن شاء الله تعالى. وأما قوله تعالى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [1]، فهذا التحريم إلى غاية، فإذا انقضت الغاية فقد ارتفع التحريم، وليس هذا من باب النسخ إنما النسخ ارتفاع الحكم المطلق وهو أحد شروط النسخ على ما تقرر في موضعه [2] ..
وأما قوله تعالى {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [3] فيتعلَّق به كل جارحة من بهيمة كالكلب [4] والفهد، أو طائر كالبازي والصقر، ولكنه ذكر التكليب لأحد معنيين، قال بعض علمائنا: التكليب هو التعليم وهو في المعنى الثاني وهو الأصح، وإنما ذكر التكليب لأنه الأغلب، وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال (مَنِ اقْتَنَى كَلْباً إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ وَفِي بَعْضِ الطُّرُق ضَارَيةً أَوْ حَرثٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قَرَاطَانِ [5] وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي [1] سورة المائدة آية 96. [2] قال في الأحكام: لما قال الله تعالى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} جرى على عمومه على كل صيد بري وبحري حتى جاء قوله تعالى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}، فأباح البحر إباحة مطلقة، وحرَّم صيد البر على المحرمين فصار هذا التقسيم والتنويع دليلاً على خروج صيد البحر عن النهي.
ثم قال {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} عام في التحريم بالزمان وفي التحريم بالمكان وفي التحريم بحالة الإحرام إلا أن تحريم الزمان خرج بالإجماع عن أن يكون معتبراً وبقي تحريم المكان وحالة الإحرام على أصل التكليف. أحكام القرآن للشارح 1/ 666 وقال الرازي: لما قال {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} وقابله بصيد البر فقال {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} علم أنه إنما حرم للأكل فانصرف إلى ما يؤكل بحال، ثم قال {مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} فمدّ التحريم إلى غاية، والذي هو محرم لعينه لا يقال فيه حرم عليكم ما دمتم حرماً ويجعل في مقابلة صيد البر، فهذا هو الذي يستدل به الشافعي في تخصيص الآية في مأكول اللحم. أحكام القرآن للرازي 3/ 287. [3] سورة المائدة آية 4. [4] اشترط الإِمام أحمد في الكلب أن لا يكون بهيمياً لأنه شيطان. انظر المغني 9/ 372 - 373، وسيأتي رد الشارح على ذلك منقولاً من الأحكام، وكذلك قال الباجي أنه مذهب الحسن البصري والنخعي وابن حبّان وابن راهويه. المنتقى 3/ 123.
وقال في الأحكام {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} عام في الكلب الأسود والأبيض، وقال من لا يعرف أن صيد الكلب الأسود لا يؤكل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ شَيْطانٌ" وهذا إنما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -، في قطع الصلاة؛ فلو كان مثله لقاله، ونحن على العموم حتى يأتي من النبي - صلى الله عليه وسلم -، لفظ يقتضي صرفنا عنه .. ثم قال: روى أشهب وغيره عن مالك أن البازي والصقر والعقاب، وما أشبه ذلك من الطير، إذا كان معلّماً يفقه الكلب وبه قال عامة العلماء. الأحكام 2/ 546. [5] متفق عليه. البخاري في كتاب الذبائح والصيد باب من اقتنى كلباً ليس بكلب صيد أو ماشية =
نام کتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس نویسنده : ابن العربي جلد : 1 صفحه : 632