المقدس.
وهذا الحديث حجة لما ذهب إليه الشافعي، ومن قال بقوله في التفريق بين الصحاري والبنيان.
فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد استقبل بيت المقدس مستدبر الكعبة في البنيان، فوق ظهر البيت كما ذكر ابن عمر.
وقد علل الفرق: بأن الفضاء والصحراء موضع الصلاة، ومتعبد للملائكة والإنس والجن، والقاعد فيه مستقبلًا ومستدبرًا لها، مستهدف لأبصار المصلين، وهذا المعنى مأمون في الأبنية.
وفي العمل بذلك جمع بين الأخبار، والعمل بها، وفي العمل بحديث أبي أيوب، تعطل لبعض الأخبار وإسقاط العمل بها [1].
... [1] قال الإمام الشافعي في الرسالة (295 - 296).
لما حكى ابن عمر أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مستقبلًا بيت المقدس لحاجته -وهو إحدى القبلتين- وإذا استقبله استدبر الكعبة أنكر على من يقول لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها لحاجة، ورأى أن لا ينبغي لأحد أن ينتهي عن أمر فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولم يسمع -فيما يُرى- ما أمر به رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في الصحراء فيفرق بين الصحراء والمنازل فيقول بالنهي في الصحراء وبالرخصة في المنازل فيكون قد قال بما سمع ورأى، وفرق بالدلالة عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - على ما فرق بينه لافتراق حال الصحراء والمنازل.