إلا أن الحاء أشبه من الجيم وأولى، فإن العادة لمن أراد أن يستعمل الطيب؛ إما أن يستعمله بعد الغسل ليبقى أثره وفائدته حاصلة بعد الغسل؛ ومتى قَدَّمَ الطِّيبَ على الغسل؛ ذهبت فائدته بالغسل بعده لأنه يزيله.
ويعضد ذلك: ما ذكره الخطابي في معالم السنن [1]، فإن الحلاب إناء يسع قدر حَلْبَةِ ناقةٍ، قال: وذكره محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه، وتأوله على استعمال الطيب في الطهور، قال: وأحسبه توهم أنه أراد المحلب الذي يستعمله الناس في غسل الأيدي، وليس هذا من الطيب في شيء، وإنما هو
على ما فسرته لك. انتهى كلام الخطابي.
وقوله: "ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه" أي أفاض بهما الماء على رأسه.
فأجرى قال: مجرى فعل و "وسط الشيء" -بفتح السين وسكونها- ما كان بعده من جميع أطرافه سواء؛ إلا أنه بالفتح مخصوص بما لايتبين أجزاؤه بعضها من بعض؛ كالحلقة من الناس والعقد والسبحة، تقول: جلست وَسَطَ الدار والسفينة فتفتح، وجلست وَسْطَ الحلقة، والدُّرَّة وسط العقد فتسكن.
وقيل: بالسكون هو طرف الشيء فلا يختص حينئذ بشيء، ويجرى في المتصل الأجزاء والمنفصل.
وبالفتح: هو اسم لما بين طرفي كل شيء، قالوا: وكل شيء صلح فيه بين هو ساكن السين، ولم يصلح فيه بين فهو بالفتح، وربما سكن وليس بالوجه.
"وأروى": أفعل من الرِّيِّ خلاف العطش، تقول: رَوِيتُ من الماء -بالكسر- أَرْوَي -بالفتح- رِيًّا وَريَّا ورِوىً وأرويتُه أنا.
"والبشرة والبشر": ظاهر جلد الإنسان.
ويريد بقوله: "أروى البشرة"، أنه أوصل الماء إلى جميع جلده؛ إلا وقد [1] معالم السنن (1/ 80).