في كلامهم فاشٍ كثير.
و"الفرض": ما كتبه اللَّه على عباده من حقوقه، كالصلاة والصيام والحج، وغير ذلك مما ألزمهم بأدائه وحتم عليهم به، وأصله من (الفرض) [1]: القطع، وإنما سمي هذا النوع من اللوازم فرضًا، لأن الفرائض لها حدود ومقاطع ينتهي إليها ويقف عندها؛ وهو والواجب عند الشافعي سواء في الحكم.
وفرق أبو حنيفة: بين الفرض والواجب.
وحد الفرض والواجب عند الشافعي أنه الذي يُذم تاركه، ويُلام شرعًا بوجه ما. والفرض عند أبي حنيفة: ما يقطع بوجوبه؛ والواجب ما لا يدرك إلا ظنًّا.
قال الغزالي -رحمه اللَّه-: ونحن لا ننكر انقسام الواجب إلى مقطوع ومظنون، فلا حجر في الاصطلاحات.
والذي أراده الشافعي من هذا الحديث: هو الاستدلال على أن الصلوات الواجبة هي خمس، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس صلوات في اليوم والليلة" وهذا بإجماع المسلمين كلهم أنه لا فرض إلا خمس صلوات، إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة فإنه قال: الوتر واجب، وليس بفرض ولا نافلة، لأنه يفرق بين الفرض والواجب كما قلناه، والعجب كيف أوجب الوتر وقد صرح في لفظ الحديث بقوله: هل عليَّ غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوَّع"، فجعل ما عدا الخمس تطوعًا ولا شبهة أن الواجب ليس هو عند أبي حنيفة تطوعًا, وليس الحديث الذي استدل به على وجوب الوتر مما يصادم هذا الحديث المجمع على صحته وهو صريح في الاستدلال وذلك غير صريح, لأنه حديث برواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن اللَّه زادكم صلاة فاحفظوها وهي الوتر" [2]. [1] كررت هذه الكلمة في الأصل. [2] أخرجه أحمد (2/ 180, 208)، والدارقطني في سننه (2/ 31) كلاهما من طريق عمرو بن =