وكان القسم بأبيه كالقسم الذي لا يعتد به، ولا هو مؤكد للمحلوف عليه، لم يكن لذكره كثير فائدة، فكان كالملغي المُطَّرح الذي هو كما لم يذكر.
ويجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر ذلك؛ تألفًا للأعرابي وتطييبًا لقلبه، وإعلامًا له أن له من المحل عنده أنه يقسم بأبيه، فيكون ذلك داعي إلى قبول قوله واستماع كلامه.
وقيل: إنما النهي إنما وقع إذا كان على جهة التوقير والتعطم؛ فأما إذا لم يكن الغرض ذلك؛ وإنما هو للتوكيد دون القسم فلا، وذلك في العربية كثير، قال ابن ميادة:
أظنَّتْ سِفاهًا من سفاهة رأيها ... لأهجوها لمَّا هجتني محاربُ؟
فلا وأبيها إنَّنِي بعشيرتي .... ونفسي عن ذاك المقام لراغبُ
وليس يجوز أن يقسم بأبي من هجوه على سبيل الإعظام لحقه.
وقال عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود، وهو الفقيه المشهور وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة:-
لعمر أبي الواشين أيام نلتقي ... لَماَ لَا يلاقيها من الدهر أكثرُ
يَعُدُّون يومًا واحداً إن لقيتها ... وينسون ما كانت على النأي تهجرُ
وقال الآخر:-
لعمر أبي الواشين لا عمر غيرهم ... لقد كلفتني خطة لا أنالُها.
والمحب لا يقسم بأبي الوشاة، وإنما يريد بأمثال هذا القسم التوكيد، وهذا