والثالثة: لم يحضرها أبو بكر ولا عمر؛ وإنما كان في ركب ثمانية أو نحوها.
و"اقتادوا": أَمْرٌ بِقَوْدِ الإبل، وهو جذبها لتسير.
و"بعثوا الرواحل": إذا ثوروها من مباركها وساقوها.
وإنما أمرهم بقود الإبل ومسيرهم عن مكانهم وصلاتهم في غيره، لترتفع الشمس قليلًا عن الأفق؛ ويذهب وقت الكراهة.
وقيل: إنما أمرهم بالمسير عن ذلك المكان بعدًا منه؛ حيث أصابتهم فيه الغفلة والنسيان.
وقد جاء هذا المعنى مرويًّا عن أبي داود، عن موسى بن إسماعيل، عن أبان، عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، وذكر القصّة قال: وقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة".
وقيل: لانتظار أمر اللَّه -عز وجل- كيف يكون العمل في ذلك.
وقيل: ليعم الانتباه والنشاط إذا رحلوا جميعهم.
والذي ذهب إليه الشافعي في قضاء الصلاة الفائتة سواء فاتت تعمدًا، أو سهوا، أو عن نوم أو غير ذلك: أنه يصلِّيها إذا ذكرها أي وقت كان؛ إلا إن كان يخاف فوات فريضة حاضرة مثل أن يكون قد ذكرها في آخر وقت الصلاة الحاضرة؛ فلو قدمها وبدأ بها فاتته الحاضرة؛ فحينئذ يقدم الحاضرة على الفائتة.
وذكر ذلك عن علي -رضي اللَّه عنه- وعن غير واحد من الصحابة، وبه قال أبو العالية، والنخعي، والشعبي، والحكم، وحماد، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وأبو ثور وقال غيرهم: إذا ذكرها في الأوقات المكروهة المنهي عن الصلاة فيها لا يصليها؛ وسيجيء بيان ذلك في الفصل الثالث.