حديث عائشة ولا يخالفه؛ وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حض الناس على تقديم الصلاة؛ وأخبر بالفضل فيها؛ احتمل من الراغبين من يقدمها قبل الفجر الآخر؛ فقال: أسفروا بالفجر حين يتبين الفجر الآخر معهما، فإن ابن عمر صلى بمكة مرارًا كلما بان له أنه صلاها أعاد، وإن أبا موسى فعل ذلك بالبصرة، فلعل الناس في زمان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قد كانوا يفعلون شبيهًا بفعلهما حين أخبر بفضيلة الوقت، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - -فيما نرى- الخروج من الشك؛ فأمرهم بالإسفار أي بالتبين.
قال: فإذا احتمل أن يكون موافقًا للأحاديث؛ كان أولى بنا أن لا ننسبه إلى الاختلاف، وإن كان مخالفًا. وقد قيل في معنى الإسفار في هذا الحديث أقوال:
منها: أنه قال: ربما قاله في وقت مخصوص؛ كالليالي المقمرة أو الليالي المغيمة التي لا يكاد الفجر يتضح فيها إلا بالإسفار.
ومنها: أنه أراد بالإسفار الطلوع، وتحقيق الظهور أي أنه لا يصلي إلا بعد أن يتيقن طلوع الفجر وإيضائه.
ومنها: أنه محمول على ما رواه أبو مسعود الأنصاري: "أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - غلس بالصبح ثم أسفر مرة، ثم لم يعد إلى الإسفار حتى قبضه اللَّه -عز وجل- وهو حديث صحيح [1].
وقد ذكر الشافعي في ترجيح ما ذهب إليه؛ حديث: "أول الوقت رضوان [1] قلت: بل هو معلول.
أخرجه أبو داود (394)، وابن خزيمة (352) والدارقطني في سننه (1/ 250 - 251) وغيرهم من طريق أسامة بن زيد، أن ابن شهاب أخبره، أن عمر بن عبد العزيز كان قاعدًا على المنبر فآخَّر العصر شيئًا، فقال له عروة بن الزبير: أما إن جبريل - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بوقت الصلاة، فقال له عمر: أعلم ما تقول، فقال عروة: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: نزل جبريل - صلى الله عليه وسلم - فأخبرني بوقت الصلاة فصليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه =