إلى أن يعود قائمًا للركعة الثانية، أو إلى أن يجلس للتشهد إن كانت الركعة الثانية؛ هذا في حق المنفرد، فإن المأموم إذا أدرك الإمام راكعًا فركع معه؛ اعتدت له ركعة وإن لم يقرأ شيئًا؛ ولهذا يقال: إن صلاة الصبح ركعتان، والظهر أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات؛ بهذا التقدير. وهذه التسمية مجاز واتساع وهو من باب تسمية الشيء ببعض أجزائه، وكذلك قوله في رواية البخاري: "إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة الصبح" إنما يريد هذا المعنى؛ فعبر بالسجدة في هذه الرواية كما عبر بالركعة في تلك الرواية.
وقوله في رواية النسائي: "إذا أدرك أحدكم أول السجدة" فإنما أريد به السجدة الأولى لا أول السجود، فإن الإجماع على خلافه.
وقد جاء في بعض الروايات "من أدرك ركعة من الصبح".
وفي أخرى: "من أدرك من الصبح ركعة".
وبينهما فرق: وذلك أن من قَدَّمَ الركعة؛ فلأنها هي السبب الذي يحصل به الإدراك، وأن الحكم بصحة الصلاة مبني على إدراكها؛ فلما كانت بهذه الحال قدمها في الذكر؛ للعناية بها وأن الفائدة مقرونة بها.
وأما من قدم الصبح والعصر قبل الركعة، فلأن هذين الاسمين هما اللذان يدلان على هاتين الصلاتين دلالة خاصة تتناول جميع أوصافها بخلاف الركعة.
فلهذا تدل على أوصاف الصلاة، فقدم اللفظ الأهم الجامع لما يريد أن ينوط الحكم به؛ وهو صحة الصلاة وإدراكها.
وكذلك جاء في رواية: "فقد أدرك الصبح" وفي رواية "فليتم صلاته" وكلاهما بمعنى، إلا أن أحدهما كناية، والآخر صريح.
فإن أدرك الصبح لم يرد به أن تلك الركعة التي أدركها قبل طلوع الشمس أجزأته عن صلاته الصبح؛ إنما يريد أنها أجزأته عن الأداء؛ وإن خرج الوقت