وقوله: "هي أم القرآن" تفسير السبع المثاني. ومعنى قول ابن عباس، وابن جبير: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الآية السابعة وأنها هي الأولى، يريد أن الفاتحة سبع آيات وهي آية من السبع، أي أن الفاتحة بها كملت سبع آيات؛ وإن كانت في الوضع هي الأولى، فلولاها كانت ست آيات.
وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، من جعل البسملة من الفاتحة ومن لم يجعلها؛ أن موضعها في التلاوة في الأول.
ومن أحسن ما استدل به من ذهب إلى أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة سوى سورة براءة؛ إجماع الصحابة على إثباتها في أوائل السور في جميع المصاحف من غير استثناء، وأنهم لم يدخلوا في المصاحف شيئًا سوى القرآن؛ حتى احترزوا من النقط والإعراب، وحتى قيل: إن إثبات النقط والإعراب في المصاحف بدعة لم يعرفها الصحابة ولا كانت في المصاحف، وإنما فعلوا ذلك نفيًا أن يكتبوا مع القرآن شيئاً ليس منه، فكيف بهم وقد احترزوا من مثل هذا الأمر السهل أن يكتبوا في المصاحف مائة وثلاث عشرة آية ليست من القرآن؟.
ومما يؤكد ذلك [] [1] حديث عثمان بن عفان سؤال ابن عباس إياه، قال: قلت له: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني -وإلى براءة- وهي من المائين -فقرنتم بينهما, ولم تكتبوا سطر بسم اللَّه الرحمن الرحيم [و] [2] وضعتموها في السبع الطول؟.
فقال عثمان: إن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يأتي [عليه] [2] الزمان؛ تنزل عليه السور ذوات عدد؛ فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من كان يكتب [1] بياض بقدر كلمة. [2] ما بين المعقوقتين غير مثبت بالأصل، والاستدراك من المعرفة (2/ 365).