وأما الثاني: فإن رواية الشافعي تدل على أنه قد سمعه مرة يقرأ بالطور، لأنه ذكر الفعل ماضيًا، وحكاية الماضي إنما تكون للمرة الواحدة.
وأما الرواية الأخرى التي هي "سمعته يقرأ" فإنها تدل على أنه سمعها مرة وأكثر من مرة، لأن الفعل المستقبل يقتضي المرة وأكثر منها.
والذي ذهب إليه الشافعي: أن المغرب يُسْتحب أن يُقْرَأَ فيها بقصار المفصل، "كالقارعة" و "ألم نشرح لك صدرك" وما أشبهها. قال الشافعي: ويقرأ في المغرب مع أم القرآن "بالضحى"، و "ألم نشرح لك صدرك" وأشباههما, ولسنا نضيق أن يقرأ بأكثر منه وإن كانت الإطالة فيها جائزة؛ ولكن الأولى الأول.
وهذا الحديث مسوق لبيان الإطالة فيها.
وقد روى المزني هذا الحديث عن الشافعي: عن سفيان بن عيينة، عن ابن شهاب بالإسناد.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن أم الفضل بنت الحارث سمعته يقرأ: "المرسلات عرفًا" فقالت: يا بني لقد ذَكَّرْتَنِي بقراءتك هذه السورة؛ أنها لآخر ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في المغرب.
وقد روى المزني عن الشافعي: عن ابن عيينة، عن ابن شهاب بالإسناد "أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالمرسلات".
وهذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه الجماعة.
فأما مالك [1]: فأخرجه إسنادًا ولفظا.
وأما البخاري [2]: فأخرجه عن عبد الله بن يوسف، عن مالك. [1] الموطأ (1/ 88 رقم 24). [2] البخاري (763).