وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن أبي عبيد -مولى سليمان بن عبد الملك- أن عبادة بن نسي أخبره أنه سمع قيس بن الحارث يقول: أخبرني أبو عبد الله الصنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق؛ فصلى وراء أبي بكر الصديق المغرب؛ فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة من قصار المفصل، ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه؛ حتى إن ثيابي تكاد [أن] [1] تمس ثيابه؛ فسمعته قرأ بأم القرآن وهذه الآية {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}.
هذا الحديث أخرجه مالك في الموطأ [2].
"الأوليين": يجوز أن تكون تثنية "الأولى" فتكون بتاء وياء تحتهما نقطتان وتكون الهمزة مضمومة.
ويجوز أن تكون تثنية "الأولة"؛ فتكون بياء وتاء وتشديد الواو.
وقوله: "بسورة سورة" يريد في كل ركعة بسورة.
وقوله: "أن تمس" المشهور في العربية والأفصح ألا تدخل "أن" في خبر "كاد" تقول: كاد زيد يفعل، وكدت أقوم، وعلى ذلك جاء التنزيل قال {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا} [3]، {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} [4]، {كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [5].
وأما دخول "أن" في خبرها فإنه قليل، وإنما أدخلوا عليها تشبيهًا لكاد بعسى؛ كما شبهوا عسى بكاد فحذفوا "أن" من خبرها وهو قليل؛ مثل قلة دخول "أن" في خبر كاد. [1] ما بين المعقوفتين غير مثبت بالأصل، وقد أضفته لسببين، الأول: أنه لفظ مالك في "الموطأ".
الثاني: أن المصنف شرع في شرح الحديث كما سيأتي بذكر هذه الزيادة؛ لذا أثبتها. [2] الموطأ (1/ 89 رقم 25). [3] البقرة: [20]. [4] النور: [35]. [5] الجن: [19].