المسلم يتوجب عليه شرعًا دفع فريضة الزكاة أيضًا، وهو الأمر الذي تسبب في إثارة هذه المسألة، لا سيما مع انتشار الضرائب في بلاد الإسلام وتقنينها [1]، مع أن بعض العلماء المتقدمين قد تكلموا عن هذه المسألة لوجود الضرائب بمسمياتها المختلفة في زمانهم، وقد نقل لنا فيها قولان:
القول الأول: جواز احتساب الضريبة من الزكاة، وهو رواية عن أحمد [2]، واختاره النووي فيما يأخذه السلطان على أنه بدل من الزكاة [3]، وهو قول لشيخ
= شوكة الإمام بعدله". وقد قرر ذلك أيضا جملة من المعاصرين منهم القرضاوي في كتابه فقه الزكاة، فقد أطال فيه وأجاد 2/ 1134، والزكاة والضريبة لعبد الستار أبو غدة ص 410، ضمن أبحاث الندوة الرابعة لقضايا الزكاة المعاصرة، ولم أُطِلْ أكثر من ذلك في هذه المسألة؛ لكون حكم الضريبة من حيث الحل والحرمة لا يتأثر به حكم احتسابها من الزكاة؛ فالتحريم إنما يكون على فارض الضريبة لا دافعها، بينما البحث في حكم احتساب دافع الضريبة لذلك من الزكاة، كما أن بعض العلماء المتقدمين نص على جواز احتساب الخراج المأخوذ ظلما من الزكاة كما سيأتي، فالمأخوذ عدلًا أولى. [1] وهو وجه كون المسألة من النوازل. [2] ينظر: مطالب أولي النهى 2/ 133 حيث جاء فيه: قال الإمام أحمد -رحمه الله- في أرضِ صُلْحٍ يأخذ السلطان منها نصف الغلة: "ليس له ذلك؛ لأنه ظلم، قيل له: فيزكي المال عما بقي في يده؟ قال: يجزئ ما أخذ السلطان عن الزكاة". قال في المطالب: يعني إذا نوى به المالك. 2/ 133. وقد جاء في مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه برواية إسحاق بن منصور الكوسج -رحمهم الله- 1/ 278: قلت (القائل هو الراوي): ما يأخذه العَشّار يحتسب به من الزكاة؟ قال: نعم، يحتسب به. وإن كان لفظ العَشّار يحتمل الساعي، كما يحتمل المكاس، فيؤيد الرواية السابقة. [3] قال -رحمه الله- في المجموع 5/ 478: "اتفق الأصحاب على أن الخراج المأخوذ ظلما لا يقوم مقام العشر، فإن أخذه السلطان على أن يكون بدل العشر فهو كأخذ القيمة بالاجتهاد، وفي سقوط الفرض به خلاف سبق في آخر باب الخلطة، والصحيح السقوط، وبه قطع المتولي وآخرون". وقد يفهم من كلامه أن هذا قول في مذهب الشافعية، وهو ما نفاه الهيتمي -رحمه الله- في الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/ 353 بقوله: "واعلم أن بعض فسقة =