القول الثاني: عدم جواز احتساب الضريبة من الزكاة، وهو قول جمهور أهل العلم [2]، واختاره شيخ الإسلام في الرواية الثانية عنه [3]، وهو ما عليه عامة الفقهاء المعاصرين [4]، وقد أفتت به الندوة الرابعة لقضايا الزكاة المعاصرة [5].
= التجار يظن أن ما يؤخذ من المكس يحسب عنه إذا نوى به الزكاة، وهذا ظن باطل لا مستند له في مذهب الشافعي؛ لأن الإمام لم ينصب المكاسين لقبض الزكاة ممن تجب عليه دون غيره، وإنما نصبهم لأخذ عشور أي مال وجدوه، قَلّ أو كثر، وجبت فيه زكاة، أولا، وزَعْمُ أنه إنما أمر بأخذ ذلك؛ ليصرفه على الجند في مصالح السلمين لا يفيد فيما نحن فيه؛ لأنا لو سلمنا أن ذلك سائغ بشرطه وهو ألا يكون في بيت المال شيء واضطر الإمام إلى الْأَخْذِ من مال الأغنياء، لكان أخذه غير مسقط للزكاة أيضا؛ لأنه لم يأخذه باسمها". [1] حيث جاء عنه كما في اختيارات البعلي (155): "وما يأخذه الإمام باسم المكس جاز دفعه بنية الزكاة، وتسقط وإن لم تكن على صفتها". [2] رد المحتار 2/ 309، فتح العلي المالك 1/ 139، المجموع 5/ 478، الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/ 353. [3] مجموع الفتاوى 25/ 93، حيث سئل -رحمه الله-: هل يجزئ الرجلَ عن زكاته ما يُغَرِّمُهُ ولاةُ الأمور في الطرقات أم لا؟ فأجاب: "ما يأخذه ولاة الأمور بغير اسم الزكاة لا يعتد به من الزكاة". [4] ينظر: فقه الزكاة 2/ 1178، والزكاة والضرائب في الفقه الإسلامي للبعلي (ص 530)، ضمن أبحاث الندوة الرابعة لقضايا الزكاة المعاصرة. وقد صدرت بذلك فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ونص المقصود منها: لا يجوز أن تحتسب الضرائب التي يدفعها أصحاب الأموال على أموالهم من زكاة ما تجب فيه الزكاة منها، بل يجب أن يخرج الزكاة المفروضة ويصرفها في مصارفها الشرعية، التي نص عليها سبحانه وتعالى بقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. مجموع فتاوى اللجنة 9/ 285. [5] فتاوى وتوصيات ندوات قضايا الزكاة المعاصرة (ص 70).