ولما انتفت المشابهة بين الحرف، ونعم وبئس، لم يكن هناك ما يقتضي البناء، فبطل أن يكونا اسمين. ومما ينفي القول باسميتهما أن الاسم إما جامد أو وصف، ولا يتصوَّر الجمود في نعم وبئس؛ لأن اشتقاقهما ظاهر، ولا يتصور أيضًا أن يكونا وصفين؛ إذ لو كانا كذلك لظهر الموصوف، فإذا بطل كونهما اسمين، وكونهما حرفين؛ تعين أن يكونا فعلين، لأن أنواع الكلمة منحصرة في هذه الثلاثة بالاستقراء. ويدل على فعلية نعم وبئس، كما جاء في (الإنصاف في مسائل الخلاف) اتصال ضمير الرفع بهما على حد اتصاله بالفعل المتصرف، فإنه قد جاء عن العرب أنهم قالوا: نعما رجلين، ونعموا رجالًا، كما حكى ذلك الكسائي، واتصال تاء التأنيث الساكنة نحو: نعمت المرأة هند، وبئست المرأة دعد، وهذه التاء يختص بها الفعل الماضي لا تتعداه، ولا تجاوزه، فلا يجوز الحكم باسمية ما اتصلت به.
كما نقل السيوطي عن كتاب (المغني) لابن فلاح، وهو منصور بن محمد بن سليمان بن معمر اليمني، الشيخ تقي الدين أبو الخير المشهور بابن فلاح النحوي، نقل عنه السيوطي أن الدليل على أن كيف اسم هو السبر والتقسيم، فنقول: لا يجوز أن تكون حرفًا لحصول الفائدة منها مع الاسم، وليس ذلك لغير حرف النداء، ولا يجوز أن تكون فعلًا؛ لأن الفعل يليها بلا فاصل نحو: كيف تصنع، فيلزم أن يكون اسمًا؛ لأنه الأصل في الإفادة.
فقد استدل ابن فلاح على اسمية كيف بطريق السبر والتقسيم، بأن ذكر الأوجه المحتملة، ثم اختبرها، فأبقى ما كان صالحًا، ونفى ما عداه؛ فبين أنه لا يجوز: أن تكون كيف حرفًا، بحصول الفائدة فيها مع الاسم نحو: كيف زيد، فكيف خبر