مقدم لصدارته، وزيد مبتدأ مؤخر، فقد أتمت كيف معنى يحسن السكوت عليه، فبطل أن تكون حرفًا؛ لأن حصول الفائدة من الاسم والحرف لا يكون لغير حرف النداء؛ إذ يقوم حرف النداء مقام الفعل كما سبق بيانه، ولا يجوز أن تكون كيف فعلًا؛ لأن الفعل يليها من غير فاصل نحو: كيف تصنع، والفعل لا يلي الفعل بفاعل يكون فاصلًا، فلما انتفى أن تكون كيف حرفًا، أو فعلًا؛ تعيَّن القول باسميتها.
ومن تمام الفائدة أن نذكر أن كيف اسم استفهام يُستفهم به عن كل حال؛ لأن الأحوال أكثر من أن يُحاط بها، فجاءوا بكيف اسمًا مبهمًا يتضمن جميع الأحوال. وإذا تأملنا الأمثلة السابقة وجدنا في كل منها ذكرًا للأقسام المحتملة، وإبطالًا لما لا يصلح منها، وإبقاء لما يصلح، ويُعد هذا أحد قسمين ذكرهما السيوطي نقلًا عن الأنباري.
هذا والله ولي التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.