قياس الشبه
هذا المسلك هو السادس من مسالك العلة، وقد نقله السيوطي في (الاقتراح) ملخصًا عن كتاب (لمع الأدلة)، الفصل الخامس عشر؛ حيث بدأه أبو البركات الأنباري بتعريفه فقال: "اعلم أن قياس الشبه أن يُحمل الفرع على الأصل بضرب من الشبه، غير العلة التي عُلق عليها الحكم في الأصل"، وبهذا التعريف علمنا من بداية الأمر أن بين مسلك المناسبة والإخالة، وبين مسلك قياس الشبه اتفاقًا وافتراقًا، فأما الاتفاق بينهما فمن جهة أن كليهما حمل الفرع على الأصل، وأما الافتراق فلأن العلة التي في الفرع هي عين العلة التي عُلق عليها الحكم في الأصل في المناسبة والإخالة، أما في قياس الشبه فالعلة التي في الفرع غير العلة التي عُلق عليها الحكم في الأصل، وإنما هي بضرب من الشبه، وذلك مثل أن يُدل على إعراب الفعل المضارع أي: حملًا على إعراب الاسم الثابت بعلة المناسبة والإخالة، بأنه يتخصص بزمن معين بعد أن كان شائعًا في زمني الحال والاستقبال، ويخصص لأحدهما بالقرينة.
قال الأنباري: "وبيان ذلك أنك تقول: يقوم فيصلح للحال والاستقبال، فإذا أدخلت عليه السين اختص بالاستقبال، كما أنك تقول: رجل، فيصلح لجميع الرجال، فإذا أدخلت عليه الألف واللام فقلت: الرجل اختص برجل بعينه، فلما اختص هذا الفعل بعد شياعه، كما كان الاسم يختص بعد شياعه؛ فقد شابه الاسم، والاسم معرب، فكذلك ما شابهه أي: أن الفعل المضارع يدل على حدث شائع في زمنين هما الحال والاستقبال، وصالح لأن يتخصص لأحدهما بالقرينة ككلمة الآن، التي تخصصه للحال وما في معناها، ولام