القول بالموجب
الموجب -بفتح الجيم- ما يقتضيه الدليل، أو هو المسبب، وبكسرها: الدليل نفسه، أو السبب، وقد ذكر السيوطي نقلًا عن أبي البركات الأنباري قوله في (جدل الإعراب) معرفًا بالقول الموجب في اصطلاح علماء الأصول: "وهو أن يسلِّم للمستدل -أي: الخَصم- ما اتخذه موجبًا للعلة مع استبقاء الخلاف، أي: في المتنازع فيه، ومتى توجه -أي: الخلاف- في عموم الصور المختلف فيها كان المستدل منقطعًا، فإن توجه في بعض السور مع عموم العلة، لم يعدَّ منقطعًا. أي: لعموم علته لذلك وإن اختلف فيه، أي: في هذا العموم".
وضَرَبَ مثلًا لذلك، فقال: "مثل أن يستدل البصري على جواز تقديم الحال على عاملها الفعل المتصرف". هذه عبارة السيوطي. وعبارة الأنباري: "مثل أن يستدل البصري على جواز تقديم الحال على العامل في الحال إذا كان العامل فيها فعلًا متصرفًا، وذو الحال -أي: وصاحب الحال- اسمًا ظاهرًا، نحو: راكبًا جاء زيد، فراكبًا حال، وجاء فعل ماض، وزيد فاعل، فالعامل في الحال -وهو جاء- فعل متصرف، فيكون عمله قويًّا، فيجوز تقديم الحال عليه، ولذلك قيل: راكبًا جاء زيد". قال ابن مالك:
والحال إن ينصب بفعل صرفا ... أو صفة أشبهت المصرفا
فجائز تقديمه كمسرعًا ... ذا راحل ومُخلصًا زيد دَعَا
ابن مالك أتى في البيت الثاني بمثالين؛ المثال الأول: تقدمت فيها الحال والعامل في الحال لفظ راحل، وهو صفة متصرفة؛ لأنها اسم فاعل،