والمثال الثاني: مخلصًا زيد دعا، تقدم الحال، والعامل فعل متصرف وهو دعا، فشمل النوعين، فيقول -أي: البصري: جواز تقديم معمول الفعل المتصرف ثابت في غير الحال، يعني: في نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} (الضحى: 9) فـ {الْيَتِيمَ} مفعول مقدم، وقد تقدم على عامله المتصرف، ونحو قوله -عز وجل: {فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ} (البقرة: 87) {فَفَرِيقًا} مفعول به مقدم، وقد تقدم على عامله الفعلي المتصرف، وما لا يحصَى من المفاعيل، فكذلك في الحال، أي: كغيره من المنصوبات.
فيقول له الكوفي: أنا أقول بموجبه، فإن الحال يجوز تقديمها عندي إذا كان ذو الحال مضمرًا، أي: إذا كان صاحب الحال مضمرًا، نحو: راكبًا جئتُ، فراكبًا حال، وقد تقدمت على العامل، لكن صاحب الحال هنا مضمر وليس اسمًا ظاهرًا، وهو الضمير: تاء الفاعل، دونما إذا كان صاحب الحال مظهرًا. لماذا؟ لئلا يؤدي ذلك إلى الإضمار قبل الذكر، أي: وذلك عندي -أنا الكوفي- ممنوع. والجواب: أن يقدر العلة على وجه لا يمكنه القول بالموجب، بأن يقول: عنيت به ما وقع الخلاف فيه، وعرفته بالألف واللام، فتناوله وانصرف إليه.
وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام هذا الدرس هذا وبالله التوفيق.