هو الطعن في النقل المذكور، ويكون هذا الطعن إما في الإسناد وإما في المتن. أما الطعن في الإسناد فمن وجهين:
أحدهما: أن تطالبه أيها المستدل بالقياس بإثبات الإسناد؛ لأنه مدع، والمدعي عليه الإثبات حتى تنهض دعواه؛ عملًا بالقاعدة الشرعية: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه. قال الأنباري: "وقد ذهب قوم إلى أنه ليس له أن يطالبه بإثبات الإسناد، وإنما عليه أن يطعن فيه إن أمكنه، وليس ذلك بصحيح؛ لأنه لو لم يكن له -أي: للمستدل- ذلك، لأدى إلى أن يروي كل من أراد ما أراد، وهذا غاية في الفساد"، انتهى.
والجواب من المعترض عن المطالبة بإثبات الإسناد بأحد أمرين؛ أن يسنده أي: ينسبه لسند معين، رجاله معروفون بالعدالة والثقة، حتى ينتهي إلى من نقله عن العرب وأثبته، أو يحيله على كتاب معتمد عند أهل اللغة، وأما الطعن في الرواية فمعناه الطعن في رواية الرجال الذين هم في السند بما يرد روايتهم، ويجعلها غير مقبولة، وجواب الطعن في الرواية من جانب المستدل بها أن يبدي أي: يظهر لذلك النص طريقًا آخرَ، سالمًا من القدح والطعن الذي ورد على النص الأول، وأما الطعن في المتن أي: بعد التسليم بثبوت وروده عن العرب وقبول سنده، فمن خمسة أوجه؛ أحدها: التأويل؛ أي: حمل اللفظ على خلاف الظاهر لدليل، بأن يقول الكوفي ومَن سار على دربه: الدليل على ترك صرف المنصرف قول ذي الإصبع العدواني وهو شاعر معمر شجاع جاهلي:
وممن ولدوا عامـ ... ر ذو الطول وذو العرض
والشاهد في قوله: "عامر" فقد جاء به مرفوعًا من غير تنوين، فدل على أنه منعه من الصرف مع أنه ليس فيه إلا العلمية وحدها، وقوله: "ذو الطول وذو