العرض" كناية عن عظم الجسم وبسطته. فيلجأ البصري إلى التأويل، فيقول للكوفي: إن البيت ليس مما الكلام فيه من ترك صرف المنصرف، بل هو منصرف للعلمية والتأنيث المعنوي، إذ لم يصرفه؛ لأنه ذهب به إلى القبيلة، أي: لأنه جعله اسمًا للقبيلة حملًا على المعنى، والحمل على المعنى كثير في كلامهم، كقول الشاعر يحكي عن أعرابية وقفت على قبر ابن لها يقال له: عامر، ترثيه وتبكيه، فقالت:
قامت تبكيه على قبره ... مَن لي بعدك يا عامر
تركتني في الدار ذا غربة ... قد ذَل من ليس له ناصر
فقال الشاعر على لسان المرأة: "ذا غربة" ولم يقل: ذات غربة؛ لأنه حمله على المعنى كأنه قال: تركتني إنسانًا أو شخصًا ذا غربة، والإنسان أو الشخص يطلق على الذكر والأنثى، فيقول له الكوفي: قوله: "ذو الطول وذو العرض" يدل على أنه لا يذهب به إلى القبيلة؛ لأنه لو ذهب به إلى القبيلة لقال: ذات الطول والعرض، فيقول له البصري قوله: "ذو الطول" رجع إلى الحي، ونحو هذا في التنقل من معنى إلى معنى قول الراجز:
إن تميمًا خلقت ملموما ... قومًا ترى واحدهم صهميما
الملموم: اسم مفعول من اللم، وهو الجمع الكثير الشديد، وصخرة ملمومة: مستديرة صلبة، والصهميم: السيد الشريف من الناس، ومن الإبل: الكريم، والخالص في الخير والشر مثل الصميم، والذي لا ينثني عن مراده، ومحل الاستشهاد قوله: "خلقت" فإنه قد جاء به كما يجيء بإخبار المؤنث، فدل بهذا على أنه يريد بتميم القبيلة، ثم قال: "ملمومًا" فأجرى الكلام على أنه يريد الحي، ثم ترك لفظ الواحد وحقق مذهب الجمع، فقال بعد ذلك: