والوجه الثاني: دخول لام الابتداء على الفعل المضارع، كما تدخل على اسم الفاعل، تقول: إن زيدًا ليقاتلُ، كما تقول: إن زيدًا لمقاتلٌ. قال الله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (النحل: 124). والوجه الثالث: أن الفعل المضارع تُوصَف به النكراتُ، كقولك: مررت برجلٍ يقوم، كما يكون اسمُ الفاعل صفةً للنكراتِ، تقول: مررت برجل قائمٍ. والوجه الرابع: أن الفعل المضارعَ يُشبه اسمَ الفاعل ويساويه في مطلق حركاته وسكونه، مثل: ضارب ويضرب، ومُكبّر ويُكبِّر، وينطلق، ومنطلِق، ويستخرج، ومستخرِج، ونحو ذلك. نقول: إن الاسم يُستَصْحبُ حالُه وهو الإعرابُ، فلا يقال ببنائه حتى يُوجد الدليلُ على البناءِ، وهو مشابهةُ الحرفِ، والفعلُ يُستَصْحبُ حاله، وهو البناء، فلا يُقال بإعرابه حتى يُوجد الدليل على الإعراب وهو مشابهة الاسم.
وقد نقل السيوطي -أيضًا- مسألتين في استصحاب الحال عن كتاب (الإنصاف) للأنباري؛ ودعاه إلى ذلك أمران؛ أحدهما: الرغبةُ في الوفاء بما ذكره في مقدمة (الاقتراح)؛ إذ قال: "وضممتُ إليه من كتابه (الإنصافَ في مباحث الخلاف) جملةً". والآخر: كثرة مسائل الخلاف التي استدل فيها الأنباري بالاستصحاب في كتابه. كما نقل السيوطي مسألةً عن ابن مالك في (التسهيل)، ومسألةً عن الأندلسي في (شرح المفصل). فهذه أربع مسائل نشير إليها مبينين الاستدلال فيها باستصحاب الحال، وهي:
المسألة الأولى: القولُ بأن كم مفردةٌ لا مركبةٌ، وهو رأي البصريين، وخالفهم الكوفيون؛ فذهبوا إلى أنها مركبة، واحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك؛ لأنّ الأصلَ في كم: ما زيدت عليها الكاف؛ لأنّ العربَ قد تصل الحرف في أوله