نحو: هذا، وهذاكَ، وفي آخره نحو: إمَّا، فكذلك ها هنا: زادوا الكافَ على ما فصارتَا جميعًا كلمةً واحدةً، إلا أنه لمّا كثرت في كلامهم وجرت على ألسنتهم، حُذفت الألفُ من آخرِها وسُكّنتْ ميمُها. وأمّا البصريون فحجتهم في ذلك كما يقول الأنباري في (الإنصاف في مسائل الخلاف): "إن الأصلَ هو الإفرادُ، وإنما التركيب فرعٌ، ومن تمسك بالأصل خرَجَ عن عهدة المطالبة بدليل، ومن عدَلَ عن الأصل افتقرَ إلى إقامةِ الدليلِ؛ لعدولِه عن الأصل، واستصحابُ الحالِ أحدُ الأدلة المعتبرة". انتهى. فقد استدلّ البصريون على إفراد كم باستصحاب الحال.
والمسألة الثانية: إعمال حرف القسم محذوفًا بعِوَضٍ، فقد ذهب الكوفيون: إلى أنه يجوزُ الخفضُ في القسَم بإضمارِ حرفِ الخفض من غير عوضٍ، وذهب البصريون: إلى أنه لا يجوز إعمالُ حرفِ الجر محذوفًا إلا بِعِوَضٍ، كألف الاستفهام في نحو: آللهِ ما فعلتَ كذا؟ أو هاء التنبيه، نحو: ها اللهِ، وحجتهم في ذلك -كما قال الأنباري في (الإنصاف) - أن الأصل في حروف الجر ألا تعمل مع الحذفِ، وإنما تعملُ معه في بعض المواضعِ إذا كان لها عِوض، فإن لم يوجد بقيت على أصلها، والتمسكُ بالأصل تمسكٌ باستصحابِ الحال.
والمسألة الثالثة: دلالة كان على الحدث والزمن، وهذه المسألة منقولةٌ عن ابن مالك في كتابه (تسهيل الفوائد)؛ إذ كان ابنُ مالك من الذين يستدلون باستصحاب الحال، وقد استدل بهذا الدليل في هذه المسألة في أثناء ردِّه على مَن زعَمَ أن كان تدل على الزمن ولا تدل على الحدث، فقال في (التسهيل) في باب: الأفعال الرافعة الاسم الناصبة الخبر: "وتُسمَّى نواقصَ؛ لعدم اكتفائها بالمرفوع، لا لأنها تدلّ على زمنٍ دون حدَثٍ، فالأصحُّ دلالتُها عليهما إلا ليس". انتهى. وقد ذهب إلى عدم دلالتها على الحدَث جماعةٌ من العلماء، منهم ابنُ جني وابنُ