فيه بشيء آخر على قياس غيره، فدَعْ ما كنتَ عليه إلى ما هم عليه، فإن سمعت من آخر مثل ما أجزته فأنت فيه مخير، تستعمل أيهما شئتَ، فإن صح عندك أن العرب لم تنطق بقياسك أنت كنت على ما أجمعوا عليه البتة، وعَدَدْتَ ما كان قياسك أداك إليه لشاعر مولد أو لساجع أو لضرورة؛ لأنه على قياس كلامهم. بذلك وصى أبو الحسن"، انتهى.
حكم ما شذ في الاستعمال وقوي في القياس
ذكر ابن جني في (الخصائص): أنه إن كان الشيء شاذًّا في السماع مطردًا في القياس تحاميت ما تحامت العرب من ذلك، وجريتَ في نظيره على الواجب في أمثاله، من ذلك: امتناعك من: وذَر وودع، لأنهم لم يقولوهما، ولا غَرْوَ عليك -أي: لا عجبَ عليك- أن تستعمل نظيرهما نحو: وزن ووعد لو لم تسمعهما، فأما قول أبي الأسود:
ليت شعري عن خليلي ما الذي ... غاله في الحب حتى ودعه
فشاذ، وكذلك قراءة بعضهم: "ما وَدَعَكَ ربك وما قلى" (الضحى: 3). وذهب بعض العلماء إلى أن العرب لم تتحامل البتة استعمال الفعل الماضي وَدَع كما ذكر ابن جني، لكنهم استعملوه بقلة، ففي (لسان العرب): "ودَعَ، وقال ابن الأثير: وإنما يُحمل قول النحاة على قلة استعماله، فهو شاذ في الاستعمال، صحيح في القياس، وقد قرئ به في قوله تعالى: "ما ودَعَك ربك وما قلى" بالتخفيف". انتهى. وذكر ابن جني أن من الشاذ في السماع المطرد في الاستعمال أيضًا: استعمالك "أنِ" المصدرية بعد كاد، نحو: كاد زيد أن يقوم، هو قليل شاذ في الاستعمال وإن لم يكن قبيحًا ولا مأبيًّا في القياس، ويرى سيبويه عدم جواز