ثم ذكر مثالًا يدل على عناية علماء العربية بالظاهر، وهو حمل سيبويه كلمة سِيد على أن عينه ياء، فوضعه في (الكتاب) في باب تحقير كل اسم كان ثانيه ياء تثبت في التحقير، فالظاهر من حاله أن تكون عينه ياء، ولذلك قال سيبويه في تصغيره: سُيَيْد بضم أوله؛ لأن التصغير يضم أوائل الأسماء، فهو لازم له، كما أن الياء لازمة له، ثم ذكر سيبويه أن من العرب من يكسر أوله فيقول: سِيَيْد كراهية الياء بعد الضمة. ومن هذا المثال يتبين أن سيبويه قد حمل لفظ سيد على أن عينه ياء، لأنه هو الظاهر من حاله مع إمكان أن يكون عينه واوًا، ولذلك قال السيوطي: "حمل سيبويه سيدًا على أنه مما عينه ياء فقال في تحقيره: سييد عملًا بظاهره مع توجه كونه فعلًا مما عينه واو كريح وعيد" انتهى.
يريد السيوطي أن سيبويه حمل لفظ سيد على الظاهر من حاله، وهو أنه مما عينه ياء؛ لأن ظاهر حاله أخذه من السيادة، وإن احتمل أن يكون واوي العين من السواد، أو السُودد؛ فقلبت عينه ياء لسكونها إثر كسرة، كلفظ ريح الذي كان أصله واوي العين، وأصله رِوْح بدليل جمعه على أرواح؛ فقلبت عينه ياء لسكونها إثر كسرة. وكلفظ عيد الذي فُعل به ما فُعل بريح، وأصله واوي العين؛ لأنه من العَوْد، لأنه يعود كل سنة، وإنما يُجمع على أعواد، دفعًا لتوهم أنه جمع عُود، ومراعاة للفظ الواحد. وقال ابن يعيش في (شرح الملوكي): "فأما قولهم: عيد وأعياد فإنما أُلزم القلب لكثرة استعماله، وأما ريح فتكسيره على أرواح قال الشاعر:
تلفه الأرواح والسُّمِي
وربما قالوا: أرياحا ألزموه القلب، وهو قليل من قبيل الغلط" انتهى. وذكر ابن عصفور في (الممتع) أن عيدًا من عاد يعود، وأن الأصل فيه عِوْد؛ فقلبت الواو