المثال الأول: حكم الواو في كلمة وَرَنْتَل، والورنتل هو الداهية، والشر، والأمر العظيم، فإن المرء فيها بين ضرورتين أن يدَّعي أن هذه الواو أصلية، وأن يدعي أنها زائدة، وهما أمران قبيحان؛ لأن الواو لا تكون أصلية في ذوات الأربعة إلا مكررة نحو قولهم: الوصوصة، والوحوحة، والوصوصة مصدر الفعل الرباعي وَصْوَص أي: نظر في الوصوص الذي هو خرق في الستر ونحوه على قدر العين يُنظر فيه، والوحوحة مصدر الفعل الرباعي وحوح، يقال: وحوح الرجل صَوَّت مع بَحَح، أو نفخ في يده من شدة البرد. كما أنها -أي: الواو- لا تكون زائدة في أول الكلام، وقد ذكر ابن جني في كتابه (المنصف) "أن أبا عثمان المازني قال في (التصريف): "الواو لا تزاد أولًا البتة"، وحينما سأل ابن جني أستاذه أبا علي الفارسي وقت أن قرأ عليه امتناع زيادة الواو أولًا: "لم كان ذلك؟ فأجابه أبو علي: لأنها لو زيدت أولًا مضمومة؛ لاطرد قلبها همزة نحو: أُقِّتت، وبابه ولو زيدت مكسورة أيضًا؛ لجاز قلبها جوازًا كالمطرد نحو: إسادة وإفادة في وسادة ووِفادة، ولو زيدت مفتوحة حتى تحقر الكلمة لانضم أولها، فجاز قلبها همزة يريد تحقير وَزَّة وُزَيْزَة، ويجوز أُزيزة".
وواصل الفارسي حديثه مع تلميذه ابن جني قائلًا: "فلما كانت زيادتها تقود إلى هذا التغيير والقلب واللبس، ويكون ذلك فيها أثقل؛ لأنها زائدة رُفضت زيادتها أولًا فلم يُجز لذلك" انتهى. وذكر ابن جني أنه لا بد في ورنتل من ارتكاب أحد القبيحين: الحكم بأصالة الواو، أو الحكم بزيادتها، فلما كان الأمر كذلك كان القول بجعلها أصلًا أولى من القول بجعلها زائدة؛ لأن الواو قد تكون أصلًا في ذوات الأربعة على وجه من الوجوه أي: في حال التضعيف كما تقدم في الوصوصة والوحوحة ونحوهما، أما أن تزاد أولًا فإن هذا أمر لم يوجد على حال