قائم رجل، لا على الصفة، ولكنه لما قال: فيها قائم قيل له: من هو وما هو؟ فقال: رجل أو عبد الله. وقد يجوز على ضعفه، وحُمل هذا النصب على جواز: فيها رجل قائمًا، وصار حين أُخر وجه الكلام فرارًا من القبح" انتهى. واستشهد سيبويه على ورود النصب على الحال من النكرة بقول ذي الرمة:
وتحت العوالي في القنا مستظلة ... ظباء أعارتها العيونَ الجآذرُ
القنا: هي الرماح، وعواليها: صدورها، والجآذر: جمع جُؤذر أو جؤذر بضم الذال وفتحها، وهو ولد البقرة الوحشية. يصف الشاعر نسوة سُبِينَ أي: وقعن في الأسر، فصرن تحت سيطرة الرماح، والعرب تشبه النساء بالظباء في طول الأعناق وانطواء الكَشح أي: الخاصرة. والشاهد فيه نصب مستظلة على الحال، بعد أن كانت صفة لظباء متأخرة. وقد كان التقدير قبل تقديم الصفة: وتحت العوالي في القنا ظباء مستظلة، فلما صارت متقدمة؛ امتنع أن تكون صفة لها، لأن الصفة لا تتقدم على الموصوف. كما استشهد سيبويه على ذلك أيضًا بقول الآخر:
وبالجسم مني بَيِّنًا لو علِمْتِه ... شحوب وإن تستشهد العين تشهد
يذكر شحوبه وتغير جسمه تغيرًا ظاهرًا، لما يقاسي من الوجد بصاحبته، وأنها لو طلبت من عينها أن تشهد على ذلك لشهدت. والشاهد فيه تقديم بينًا على شحوب، ونصبه على الحال بعد أن كان صفة متأخرة، وأصله: وبالجسم مني شحوب بيِّن، فحدث فيه ما حدث في ما قبله، ومن شواهد سيبويه على ذلك أيضًا قول كثير:
لمية موحشا طلل ... يلوح كأنه خِلَل
والطلل: ما شخص من آثار الديار، والموحش: مِن أوحش المنزل إذا ذهب عنه الناس وصار ذا وحشة، وهي الخلوة والهم، والخلل: جمع خِلة، وهي بطانة