الحكم عند تعارض المانع والمقتضي
إن المراد بالمقتضي: ما يقتضي الحكم، أي: سبب الحكم، والمراد بالمانع: ما يمنع الحكم فهما نقيضان، فإذا تعارض المانع والمقتضي كان المانع مقدمًا على المقتضي، والأمثلة التي يقدم فيها المانع على المقتضي كثيرة منها؛ المثال الأول نحو: هذا راشد وذاك غادر، فراشد اتصلت بألفه راء مفتوحة، وغادر اتصلت بألفه راء مضمومة، فوجد فيهما سبب إمالة الألف وهو وقوع كسرة بعدها، كما وجد فيهما ما يمنع الإمالة وهو الراء المفتوحة أو المضمومة، فيقدم المانع على المقتضي، وبعض العرب يميل ولا يلتفت إلى الراء غير المكسورة. المثال الثاني: أيٌّ، وجد فيها سبب البناء، وهو أنها أشبهت الحرف، ووجد فيها أيضًا ما يمنع البناء، وهو لزومها الإضافة التي هي من خصائص الأسماء، فقدم المانع وامتنع البناء.
والمثال الثالث: الفعل المضارع المؤكد بالنون وجد فيه سبب الإعراب، وهو مضارعته للاسم ومشابهته إيَّاه، ووجد فيه ما يمنعه الإعراب، وهو اتصال النون به، وقد باعد اتصال النون به بينه وبين الاسم فقُدِّم المانع، وأصبح المضارع الذي اتصلت به النون مبنيًّا غير معرب. والمثال الرابع: اسم الفاعل إذا وُجد شرط إعماله، وهو الاعتماد على نفي أو استفهام أو نحوهما، فإن وجد فيه ما يمنع العمل من تصغير أو وصف قَبْل العمل؛ فقد تعارض المانع والمقتضي، فيقدم المانع ويُمنع اسم الفاعل من العمل.
هذا وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.