صفاء لغة قريش وخلوها من مستبشع اللغات
لقد خلت لغة قريش من تلك الخصائص اللهجية التي ذكرها السيوطي في (الاقتراح)، وهي: الكشكشة، والكسكسة، والعنعنة، والفحفحة، والوكم، والوهم، والعجعجة، والاستنطاء، والوتن، والشنشنة. فهذه هي الخصائص اللهجية التي عُرفت عند بعض القبائل، وقد خلت منها لغة قريش.
ونشير إلى أمر ذي بال، وهو أن العرب في الجاهلية لم تكن تعرف هذه الألقاب، وإنما ذكرها رجل من جَرْم كان في مجلس معاوية بن أبي سفيان، وقد سأل معاوية جلساءه قائلًا لهم: "من أفصح الناس؟ فقام رجل من السماط -أي: من الصف، أو من أمام مائدة الطعام- فقال: قوم تباعدوا عن فراتية العراق، وتيامنوا عن كشكشة تميم، وتياسروا عن كسكسة بكر، ليس فيهم غمغمة قضاعة، ولا طُمْطُمانية حمير، فقال له معاوية: من أولئك؟ فقال: قومك يا أمير المؤمنين، فقال له معاوية: من أنت؟ قال: رجل من جرم"، قال الأصمعي: "وجرم من فصحاء الناس". وقد شاعت هذه الألقاب منسوبة إلى بعض القبائل العربية التي نطقت بها.
أولًا: الكَشْكَشة بالشين المعجمة، وإلحاق الشين بالكاف، وقد سُميت هذه اللغة بالكشكشة؛ لاجتماع الكاف والشين فيها، وقيل: تُسمى هذه اللغة الكشكشة بكسر الكافين، قيل: وهو الأصل لحكاية الكسر أي: حكاية كِشكِش، فركب، ولكون الكاف للمؤنث، ومن يفتحهما يأتي بهما على حد قولهم في التعبير عن بسم الله بالبسملة. وقد نسب السيوطي وبعض العلماء هذه اللغة إلى ربيعة ومضر، ونسبها ابن جني إلى ربيعة وحدها في (الخصائص)، والمراد بالكشكشة