الذي فعلوه أحزم أي: أشد حزمًا، وذلك أن الفعل لا يكون له أكثر من فاعل واحد، وقد يكون له مفعولات كثيرة فرُفع الفاعل لقلته، ونصب المفعول لكثرته، وذلك ليقل في كلامهم ما يستثقلون، ويكثر في كلامهم ما يستخفون" انتهى.
وأما ابن السراج فهو أبو بكر محمد بن السري النحوي البغدادي، الذي غلبت عليه النزعة البصرية، والمتوفى في العام السادس عشر بعد الثلاثمائة من الهجرة، كان من أحدث تلاميذ المبرد سنًّا، ولكنه كان شديد الذكاء حاد الذهن، قال عنه (صاحب المدارس النحوية): "وكان يعنى عناية واسعة بعلل النحو ومقاييسه، وفيهما صنف كتاب (الأصول الكبير) يعني به كتاب (الأصول في النحو)، انتزعه من كتاب سيبويه وأضاف إليه إضافات بارعة، ويقال: إنه جعله تقاسيم على طريقة المناطقة، ولم يكتفِ فيه بآراء سيبويه، فقد ضمَّ إليه كثيرًا من آراء الأخفش الأوسط والكوفيين موازنًا ومقارنًا" انتهى. وقد سبق قول ابن السراج: "واعتلالات النحويين على ضربين: ضرب منها هو المؤدي إلى كلام العرب كقولنا: كل فاعل مرفوع، وضرب آخر يسمى علة العلة مثل أن يقولوا لم صار الفاعل مرفوعًا، والمفعول به منصوبًا ... " إلى آخر ما قال، ونورد هنا مثالين من تعليلاته.
المثال الأول: يدلل على فعلية ليس مع عدم تصرفها تصرف الأفعال يعني: لأنه لا يأتي منها مثلًا المضارع والأمر واسم الفاعل، وبقية المشتقات، يقول في كتابه (الأصول في النحو): "فأما ليس فالدليل على أنها فعل، وإن كانت لا تتصرف تصرف الأفعال قولك: لست كما تقول: ضربت، ولستما كضربتما، ولسنا كضربنا، ولسن كضربن، ولستن كضربتن، وليسوا كضربوا، وليست أمة الله