ذاهبة كقولك: ضربت أمة الله زيدًا"، يعني يقول: إن الدليل على فعلية ليس أنها تسند إلى الضمائر على حد إسناد بقية الأفعال إلى الضمائر، كما تتصل بها نون التوكيد، وتتصل بها نون النسوة، وتتصل بها أيضًا تاء التأنيث الساكنة، قال: "وإنما امتنعت من التصرف؛ لأنك إذا قلت: كان دللت على مضى، وإذا قلت: يكون دللت على ما هو فيه وعلى ما لم يقع أي: على الحال وعلى الاستقبال، وإذا قلت: ليس زيد قائمًا الآن أو غدًا أدَّت ذلك المعنى الذي في يكون، فلما كانت تدل على ما يدل عليه المضارع؛ استغني عن المضارع فيها، ولذلك لم تبنَ بناء الأفعال التي هي من بنات الياء مثل باع وبات" انتهى.
والمثال الثاني: قاله الزجاجي في (الإيضاح في علل النحو) في الأدلة التي ذكرها للانتصار للبصريين في قضية أيهما الأصل في الاشتقاق الفعل أم المصدر، قال الزجاجي: "دليل آخر للبصريين كان أبو بكر بن السراج يستدل به قال: لو كانت المصادر مأخوذة من الأفعال جارية عليها؛ لوجب ألا تختلف كما لا تختلف أسماء الفاعلين والمفعولين الجارية على أفعال نحو: ضارب ومضروب، وشاتم ومشتوم، ومكرم ومكرم، وما أشبه ذلك مما لا ينكسر، ورأينا المصادر مختلفها أكثر مما جاء منها على الفعل كقولنا: شُربًا وشَربًا ومَشْربًا وشَرَابًا، وعدل عن الحق عدْلًا وعُدُولًا وما أشبه ذلك، علمنا أنها غير جارية على الأفعال، وأن الأفعال ليست بأصولها" انتهى.
وأما الزجاجي فهو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق من نهاوند، قدم بغداد وسمع من ابن السراج والأخفش، ولازم الزجاج فنُسب إليه، وسكن بدمشق، وانتفع الناس بعلمه حتى توفي سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة هجرية بدمشق، ومما قاله فيه الدكتور شوقي ضيف في مقدمة الكتاب الذي ألفه أبو القاسم الزجاجي