والعلة الخامسة: علة فرق، كتجرد خبر أفعال الشروع مثل: كاد، وأنشأ من أن، وكثرة لحاقها خبر أفعال الرجاء كعسى وأوشك، فإن الشروع لا يجامع الاستقبال الذي تدل عليه أن؛ لما بينهما من المنافاة، إذ الشروع حاليٌّ لا يجامع الاستقبال، ولا كذلك الرجاء، ومن ذلك أيضًا ما ذهبوا إليه من رفع الفاعل، ونصب المفعول؛ للفرق بينهما، وفتح نون الجمع، وكسر نون المثنى للفرق بينهما كذلك.
والعلة السادسة: علة توكيد، كوصف دكَّة بواحدة في نحو قوله تعالى: {فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} (الحاقة: 14) وكإدخالهم نون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة في فعل الأمر؛ لتأكيد إيقاعه.
والعلة السابعة: علة تعويض، كتنوين نحو: جوارٍ، وهو تنوين العوض المعوض به الياء المحذوفة في الرفع والجر على مذهب سيبويه والجمهور، إما للتخلص من التقاء الساكنين بناءً على الراجح من تقديم الإعلال على المنع من الصرف؛ لتعلق الإعلال بجوهر الكلمة بخلاف منع الصرف، فإنه حال للكلمة.
وبيان ذلك أن كل مفرد على وزن فاعلة، فإنه يُجمع قياسًا مطردًا على فواعل، فالأصل الأصيل لكلمة جوارٍ جواريٌ بالضم والتنوين، استثقلت الضمة على الياء، فحذفت، فالتقى ساكنان: الياء بعد حذف حركتها، ونون التنوين؛ فحذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين، ثم حُذف التنوين لوجود صيغة منتهى الجموع تقديرًا؛ لأن المحذوف لعلة كالثابت المذكور، فخيف رجوع الياء، لزوال الساكنين في غير المنصرف، المستثقل لفظًا بكونه منقوصًا، ومعنى بكونه فرعًا؛ إذ الجمع فرع الإفراد، فعوضوا التنوين من الياء لينقطع طمع رجوعها.
وإما على القول بتقديم المنع من الصرف على الإعلال، فأصله بعد منع صرفه لصيغة منتهى الجموع جواريُ بالضم من غير تنوين، استثقلت الضمة على الياء