فحذفت، ثم حذفت الياء تخفيفًا وعوِّض منها التنوين؛ لئلا يكون في اللفظ إخلال بالصيغة، ومقابل مذهب سيبويه والجمهور ما قاله المبرد والزجاج من أن التنوين عوض من حركة الياء، وأن منع الصرف مقدَّم على الإعلال، فأصله بعد منع صرفه جواريُ، استثقلت الضمة على الياء فحذفت أي: الضمة، وأتي بالتنوين عوضًا منها، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، فالتنوين على كل حال هو تنوين العوض، غير أنه عوض من حرف هو الياء على قولي سيبويه والجمهور، وعوض من حركة الياء على قول المبرد والزجاج. ومن أمثلة علة التعويض كذلك تعويضهم الميم المشددة في اللهم من حرف النداء.
والعلة الثامنة: علة نظير، ككسرهم أحد الساكنين إذا التقيا في الجزم كقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} (البينة: 1) حملًا على الجر، إذ الجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء؛ لاختصاص كل واحد منهما بنوع من الكلمة، والعمل فيه، وكحمل أفعال المقاربة على الأفعال الناقصة في احتياجها إلى الخبر المنصوب؛ لكونها نظيرتها في عدم حصول الفائدة بمرفوعها فقط، وكحمل سراويل المفرد الأعجمي على نظيره وموازنه في الجمع الذي على صيغة منتهى الجموع في المنع من الصرف.
والعلة التاسعة: علة نقيض، كإعمال لا النافية للجنس عمل إن، فإن لا لتأكيد النفي، وإن لتأكيد الإثبات حملًا للنقيض على النقيض، وكحمل رب التي للتقليل في جر ما بعدها على كم الخبرية التي للتكثير.
والعلة العاشرة: علة حمل على المعنى، كتذكير فعل الموعظة، وهي مؤنثة في قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ} (البقرة: 275) حملًا لها على المعنى، وهو الوعظ، وكتأنيث فعل الكتاب وهو مذكر في قول الأعرابي: فلان لغوب، جاءته