والعلة الثامنة عشرة: علة تخفيف، فقولهم: يرى وترى وأرى، أصله يرأى، وترأى، وأرأى، فحذفت الهمزة التي هي عين الفعل للتخفيف القياسي بأن ألقيت حركتها على الراء قبلها، ثم حُذفت، فصار الفعل يرى وترى وأرى على وزن يفَل وتفل وأفل، ولزم هذا التخفيف والحذف لكثرة الاستعمال، ومن التخفيف أيضًا الإدغام وهو الإتيان بحرفين ساكن فمتحرك من مخرج واحد، دون أن يُفصل بينهما بحيث يرتفع بهما اللسان وينحط دفعة واحدة، والغرض منه التخفيف.
والعلة التاسعة عشرة: علة أصل، كاستحوذ في قوله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ} (المجادلة: 19) بتصحيح الواو من غير إعلال رجوعًا إلى الأصل، ومثل يُؤكرم مضارع أكرم من غير حذف الهمزة بمقتضى القياس، رجوعًا إلى الأصل كذلك، قال الراجز:
فإنه أهل لأن يؤكرم
ومثل ذلك أيضًا صرف ما لا ينصرف للاضطرار أو التناسب، فالأول كقول الشاعر:
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... سوالك نقبًا بين حزني شعبعب
الظعائن: جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج، والسوالك: جمع سالكة مفعول ثان لترى، ومفعوله الأول: ظعائن، زيدت فيه مِن، ونقبًا: مفعول سوالك، أي: طريقًا في الجبل، وحزني: مثنى حَزْن، وهو ما غلظ من الأرض، وشَعَبْعَب: اسم ماء، والشاهد في البيت: صرف ظعائن مع أنه على صيغة منتهى الجموع للضرورة الشعرية، ومثال الثاني قوله تعالى: {سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا} (الإنسان: 4).
والعلة المتممة للعشرين: علة أولى، كقولهم: إن الفاعل أولى برتبة التقديم من المفعول.
والعلة الحادية والعشرون: علة دلالة حال، كقول المستهل -أي: الذي يرى الهلال: الهلالُ، بالرفع أي: هذا الهلال، فحذف المبتدأ، أو قوله: الهلالَ، بالنصب أي: انظر الهلال، فحذف الفعل.