والعلة الثانية والعشرون: علة إشعار، أي: علة إعلام كقولهم في جمع موسى: موسون، بفتح ما قبل الواو وهو السين، وكذلك كل مقصور يُجمع هذا الجمع، وإنما يفتح ما قبل الواو إشعارًا بأن المحذوف ألف حذف لالتقاء الساكنين، فإن الأصل مُوسَيُون، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، ثم حذفت لملاقاتها ساكنة مع علامة الجمع. والعلة الثالثة والعشرون: علة تضاد، مثل قولهم في الأفعال التي يجوز إلغاؤها كأفعال القلوب: متى تقدمت على مفعوليها، وأكدت بالمصدر أو بضميره لم تلغ أصلًا؛ لما بين التأكيد والإلغاء من التضاد، فإن الإلغاء يقتضي الإهمال وعدم الاعتداد بالشيء الملغى، والتأكيد بخلافه، فعلة عدم إلغائها التضاد.
والعلة الرابعة والعشرون: علة تحليل، وهي التي اعتاص تفسيرها على ابن مكتوم، وذكرها ابن الصائغ نقلًا عن بعض كتب المحققين، ومن أمثلتها الاستدلال على اسمية كيف بنفي حرفيتها، بأنها إذا ضمت إلى اسم تركب منهما كلام مثل: كيف حالك، والحرف مع الاسم لا يركب منهما كلام؛ إذ القاعدة أن الحرف لا يكون بضميمته لمثله، أو للفعل كلامًا، وقد تركب من كيف إذا ضُمَّت للاسم كلام، ولا يعترض بنحو قولهم: يا زيد، فقد صرحوا بأنهم جملة وكلام، لما تقرر من أن يا قائمة مقام أدعو أو أنادي، فكان كلامًا بسبب ذلك، كما ذكر ابن الحاجب وغيره. والاستدلال على نفي فعلية كيف بمجاورتها الفعل بلا فاصل في نحو قول الله -تبارك وتعالى: {كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ} (الفيل: 1) والفعل لا يسند إلى الفعل، فتحلل أي: انحل وانفك بذلك عقدة كونها ليست اسمًا، إذ لا يمكن أن تكون حرفًا أو فعلًا أي: انحلت دعوى عدم اسمية كيف بعدم إمكان قسيمي الاسم، وهما الفعل والحرف فتعين كونها اسمًا، إذ لا قسيم سوى ذلك.