وحرية الشعب في اختيار الولاة ... إلخ، فكان على الدولة العثمانية أن تتعظ بذلك، وتقطع الطريق على دعاة التغريب بالعودة إلى الأصول الإسلامية الراشدة، نعم حاولت الدولة ذلك، لكنها محاولة جاءت متأخرة، بل كانت في الواقع بضغط من دعاة التغريب أنفسهم، ولم تكن عملاً ذاتياً واعياً.
2 - قصور الاستنباط الفقهي عن مجاراة الوقائع المحدثة: إن كون الشريعة الإسلامية منهجاً كاملاً شاملاً للحياة البشرية منذ نزولها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها -لا يخرج شيء من أحداثها ووقائعها مهما استجد، ومهما تغيرت الظروف والأحوال عن دائرتها الرحبة- لهو أمر بدهي في التصور الإسلامي، والشك فيه يعني بداهةً اتهام الباري -جل شأنه- بالنقص والبداء، ومن ثم فهو الكفر المحض.
وكون الحياة البشرية عرضة لتغيرات لا يدرك مداها أو وقائع حادثة لا يستطيع العقل البشري على الإطلاق أن يتصور أبعادها بحكم حجبه عن علم الغيب، يجعل المجتهد في الشريعة مهما كانت سعة أفقه ودقة نظره يظل محصوراً بواقع بيئته، وواقفاً عند النقطة التي وصلت إليها البشرية على خط سيرها الطويل.
هاتان الحقيقتان آمنت الأمة الإسلامية بأولاهما إيماناً جازماً، وغابت الثانية عن أذهان البعض متأثرين بالواقع الذي ظل قروناً عديدة راكداً لا جديد فيه.
ومن هذا البعض كان خلفاء وعلماء الدولة العثمانية الذين عارضوا فتح باب الاجتهاد أو قيدوه في دائرة التراث المأثور عن فقهاء الحنفية السابقين، وفي الوقت الذي كان الفقه فيها جامداً كانت الحياة حسب سنة الله جارية متطورة، وبذلك حدث لأول مرة في تاريخ