ولا يخلو دين الفلسفة المادية من شيطانه، وهو الرأسمالية الخبيثة العسراء، فكل ما في الدنيا من عمل سوء أو فكرة سوء فهو كيد من هذا الشيطان الماكر المريد، وكل ما فيها من عمل سوء أو فكرة سوء يزول ويحول وتحل مكانه بركات الفلسفة المادية ورضوانها، متى صار الأمر إلى ملائكة الرحمة وذهب ذلك الشيطان إلى قرار الجحيم. ولكن أي دين هذا؟! إنه أشبه دين بدين البشرية الذي عرفته في بدايتها، وهو دين عبادة الطبيعة، الذي اعتنقه الإنسان البدائي وكان ينسب فيه القيم البشرية إلى الأشجار وغيرها من المواد.
ونريد أن نعرف إلى أي حد استطاعت المادية الجدلية أن تمد الإنسان بوعي للكون، وأن تحدد غايته في الوجود، يقول انجليز: "إنه مهما ينشأ أو ينقرض من الخلائق قبل أن تنجم بينهما أحياء تفكر بأدمغتها، وتجد لها ملاذًا يسمح بالحياة ولو إلى فترة وجيزة به؛ فإننا مع ذلك على يقين أن المادة في كل تغيراتها تظل أبدًا واحدة، وأبدًا كما هي، وأنها لن تفقد صفة من صفاتها، وأن تلك الضرورة الحديدية التي تقضي بزوال أرفع ذرات المادة -وهي القوة المفكرة- هي بعينها تقضي بميلاد كرة أخرى في زمان آخر".
بل حين ذكر "لينين" قول "هيرقليتس" إن العالم واحد لم يخلقه أي إله، ولا أي إنسان وقد كان ولا يزال وسيكون شعلة حية إلى الأبد تشتعل وتنطفئ تبعًا لقوانين معينة، علق عليه قائلًا: "يا له من شرح رائع لمبادئ المادية الجدلية".
وفي أسس الماركسية اللينينية أنها لا تعترف بوجود أي قوة أو خالق فيما وراء الطبيعة، إنها ترتكز بوضوح على الحقيقة، حقيقة العالم الذي نعيش فيه، إنها تحرر الإنسان مرة واحدة إلى الأبد من الخرافة، ومن عبودية الروحانية القديمة، إن تعاليم الفلسفة المادية التي تنصُّ على أن العالم الخارجي يوجد في الزمان وفي المكان تفند