والسنة, وإنما فاتهم أن هذا الاستدلال لا يكفي, أن تجعل النظر مُنصباً على قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم دون أن تنظر كيف فهم السلف هذه النصوص, من الصحابة وكبار التابعين ومن تلاهم, إذا لم تنظر كيف فهم السلف هذه الآيات وهذه النصوص ستضل, لأنك ستفهمها برأيك واجتهادك, والرأي والاجتهاد هذا محل خطإ وليس بمحل عصمة بخلاف إجماع السلف, ولذلك العقيدة ليس فيها خلاف, فنقول اختلف أبو حنيفة مع مالك في مسألة الوتر وكذلك في مسألة كذا وكذا أما العقيدة فهم متحدون, يعني متفقون فلا خلاف بينهم وكذلك الصحابة لم يختلفوا في أصول المعتقد, يعني التوحيد بأقسامه الثلاث, توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات, لم يقع خلاف بين السلف من الصحابة ومن تابعهم بإحسان في هذه المسائل, وإنما وقع خلاف في مسائل يسيرة جداً في العلميات, هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه؟ هل أرواح الأموات تُرَدُ عليهم فيردون السلام؟ هل يتزاوروا؟ هذه مسائل علمية غيبية وقع فيها النزاع, لكنها ليست كمسائل القدر, ليست كمسائل القرآن وأنه كلام الله عز وجل ليس بمخلوق, ليست كمسائل إثبات الأسماء والصفات على حقائقها, هذه مسائل مُجمع عليها, وليس بين السلف خلاف, ليس بين السلف خلافٌ في هذه المسائل, إذاً كون الإمام رحمه الله تعالى يأتي بنصٍ من كتاب أو سنة ويكون هذا النص موافقاً للفهم الذي فهمه السلف هي طريقة الجادة, بمعنى أنه ينضم إلى الاستدلال بالكتاب والسنة هو فهم سلف الأمة, وأما محاولة الفصل بينهما هذا يوقع في إحداث البدع, والكل يأتي بما .. يُفيض عليه رأيه وعقله المجرد, وحينئذٍ تدخل الأهواء وتدخل البدع, ولذلك قَعّد أهل العلم قاعدة بأنه لا يوجد مبتدع على وجه الأرض إلا وهو يستدل بنصٍ, مبتدع يعني ينتسب إلى الإسلام, إلا وهو عنده دليل من كتاب أو سنة, لكن الخلاف في .. في الفهم, وقد يكون الدليل ضعيفاً من جهة الإثبات وعدمه, لكن قد يكون الدليل ثابتاً كما هو النص في القرآن أو السنة النبوية الصحيحة ولكن يُختَلفُ معهم في الاستدلال .. في .. في الاستدلال.
شروح الكتاب .. إذاً عرفنا أن المصنف رحمه الله تعالى يذكر الأدلة من الكتاب والسنة والمسائل متقاربة في بعضها كما سيأتي, وإذا أُختلف في عدّها كما سبق عن الأئمة الثلاث.